القانونى. (١) ولكن يجب الحذر التام منهم فهم يسرقون الكحل من العين على حد تعبيرهم.
أخذ الباشا ثلاثة آلاف جملا عدا حوالى مائتى قطارا من الجمال والبعير ، وحوالى خمسين قطارا من البغال ، حيث أن البغال تتحمل مشاق السفر من الشام إلى مكة المكرمة.
حكمة إلاهية :
اليوم الخامس والعشرين من شوال ، فجأة ، وفى وقت الظهيرة ، إنقلب الجو إلى شتاء قارص ؛ حيث هطلت الأمطار بشكل كثيف ، وكأن السحاب قد نثرت شعورها وبدأت فى البكاء والنحيب. وتحولت الأمطار إلى سيول أغرقت كل الخيام ، واستمر هطول المطر طوال الليل ، وكانت ليلة ليلاء فى برودتها وغزارة أمطارها ، وتساقط الثلج والبرق والبرد كأنه رؤوس العصافير. وقد نفق في هذه الليلة حوالي مائتين جملا ، ولقى حوالى ثمانين بدويا حتفهم ، ومزقت الخيول مرابطها وأعنتها من شدة الرياح ، واحتمت فى القرى المجاورة من الهلع والخوف.
وبينما الحجاج جميعا قد فقد كل منهم بعضا من خيوله ، أو بغاله. فحمدا لله وشكرا ، ففى الصباح وجدت جيادى وبغالى كاملة لم تنقص شيئا.
وإستمرت الأمطار فى اليوم التالي أيضا ، بشكل مخيف ، حتى كانت الجياد ، والجمال تغوص فى المياه حتى ركبتيها. أما الحجيج فقد كوّم كل منهم أمتعته داخل خيمته وجلس فوقها. ولله حكمته فى ذلك .. فإن الزواحف والقوارض التى تعيش تحت سطح الأرض لم تجد لنفسها مفرا ، فظهرت على سطح الأرض ، ودخلت الخيام ، ولم تترك أى شئ يمكن أن تتغذى عليه ، حتى ملابس الحجاج ومتاعهم ،
__________________
(١) سليمان القانونى [٩٠٠ ـ ـ ٩٧٤ ه ـ ١٤٩٥ ـ ١٥٦٦ م]
أعظم سلاطين بنى عثمان. ابن سليم الأول. اعتلى العرش سنة ٩٢٦ ه لقب بالقانونى لعدله وكثرة القوانين التى سنها ، وصلت الدولة العثمانية فى عهده أقصى اتساعها. لقبه الأوروبيون بالعظيم"MagniFique " وصلت فتوحاته إلى المجر ، سنة ٩٣٦ ه ، وحاصر فينا غربا. وسّع فتوحاته فى آسيا فضم كل إيران وبغداد وآذربيجان ووصل خليج البصرة سنة ٩٤١ ه ـ ١٥٣٤ م. حول البحر الأبيض والأحمر إلي بحيرات عثمانية تحت قيادة خير الدين بارباروس. له عمارات فى كل العالم الإسلامى. مدة سلطنته ٤٨ سنة. «المترجم»