الذين يتصفون بالشجاعة فى المؤخرة. وجميع الحجاج فى الوسط. وبعد مهرجان الطلقات النارية التى أطلقتها المدافع ، والبنادق ، عزفت نوبة التحرك ، كما عزفت الفرقة الموسيقية الشاهانية المهتر (١) ثمان مرات ، وبعدها تقدمنا وبدأ الموكب فى المسير. وقد كان بالإمكان زيارة حاتم الطائى فى نفس المكان فإن مدينة البصره تقع بالقرب من هنا ؛ ضواحيها كثيرة القرى تقطعها القوافل فى إثنتى عشرة ساعة.
مرحلة قلعة مازراق :
قلعة بناها سلطان بنى هلال (٢) ، وهى على شكل مربع ، وسط الصحراء لا يوجد بها أحد. تقع فى ناحية الكرك ، فى آراضى القدس. الكل يتناول طعامه هنا على شاطئ نهر الزرقاء دون أن ينزل أمتعته بالقرب منها ؛ وادى خصب ، وفير المياه. وبعد أن استراحت القافلة قليلا ، تحرك الموكب ، قاطعا مسافة ثلاثة عشر ساعة فى هواء جميل ، ووسط طرق جبلية ، وصخريه.
__________________
الجيش لعثمانى. وعلى ضباط معسكر الجند الجدد ، المكون من واحد وثلاثين بلوكا ، والذين كانوا بمثابة مخرجا لمعسكر القاپى قولى. وهو مواز للبلوك باشى أى رئيس البلوك. وكانوا يلقبون أحيانا ب «صوباشى» ويطلق على أقدمهم فى الجماعات «بايا باشى» قائد المشاه. وكانت لهم خيولهم الخاصة بهم. وكانوا يرتدون جبة طويلة الأكمام من المخمل. وقفطان رقيق وشلوار قرمزى وپاپوج نعل اصفر فى أقدامهم.
أما القادة الذين يلقبون ب «چورباجى كچه سى» فقد كانوا يرتدون فروا مقصّبا. وهم الذين يقومون يتنفيذ الجزاءات التى توقع على الجند ، وينظمون أمورهم ؛ أى أنهم كانوا بمثابة البوليس الحربى فى العصر الحديث. غيّر هذا اللقب إلى «أورطة آغاسى» بعد الغاء الإنكشارية. «المترجم»
(١) مهتر : إصطلاح موسيقى يعنى الموسيقار الذى يقوم بغرف النوبة أمام باب أحد رجالات الدولة العظام أو القواد الكبار. وتجمع على مهتران أى مجموعة الموسيقيين الذين يعزفون السلام الوطنى أو السلطانى أو النوبات المختلفة فى الجيش. وكانوا يقومون بالعزف على الطبل ، والزمر ، ويطوفون الأحياء تبشيرا بسير المحمل إلى الحجاز. ويجمعون الهبات والتبرعات لهذا الغرض.
ومنهم «مهتران علم» أي الفرقة الموسيقية المنوط بها عزف سلام العلم ، أو السلام الوطنى فى وقت الحرب. و «مهتران طبل وعلم» وهى الفرقة الموسيقية المكلفة بعزف الموسيقى فى القصر السلطانى ، وفى حضرة السلطان وقائدها يسمى «مهتر باشى». أما الفرقة الخاصة بالسلطان فكانت تسمى «مهتر خانة خاقانى» أو «مهتر خانة همايون» ويقول هامر ج ١ ص ٣١٣ إنها فرقة الشرف التى تعزف أمام الوزراء ، والقواد وقت الحرب ، وتذكرهم طبولها بأوقات الصلاة أيضا عند الجهاد. ويبين أدوات المهتر خانة كالتالى : ١٦ زورنا ، ١٦ طبل ، ١١ مزمار ، ٨ نقارة ٧ أجراس ـ «صاجات» و ٤ أوستان. وكان عددهم ٧٢ فردا أما إذا إشترك السلطان بنفسه فى الحرب فيتضاعف هذا العدد. وقد ألغى نظام المهتر خانه مع الغاء معسكرات الإنكشارية سنة ١٨٢٦ م ـ ١٢٤١ ه واستبدل به نظام موسيقات الباندو. «المترجم»
(٢) بنو هلال : قبيلة عربية يرجع نسبها حتى سيدنا اسماعيل ؛ ويبدأ بهلال بن عامر بن شعشعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن قيس عيلان. كانوا يعبدون الأوتاد فى الجاهلية. وكانوا يعيشون فى نجد واليمن. ولهم آبار ومزارع نخيل كثيرة بالقرب من البصرة. وهم الذين كانوا يقيمون سوق عكاظ الشهير. وهم الذين زحفوا إلى شمال أفريقيا .. وتتحدث عنهم سيرة بنى هلال. ولهم أهمية كبيرة فى تاريخ الحضارة ، والثقافة ، واللغة العربية بالذات ، «المترجم»