شاقا طريقه بصعوبة جامة بين الأوحال ، متجها نحو خان قديم على الجانب الأيسر من الصحراء.
خان عين الطير :
وهو من أعمال خليفة بنى هلال. سمى بهذا الإسم لتشابه أحجاره مع عين الطير. ولقد كانت هذه المنطقة قديما مدينة كبيرة. ولقد اكتشفتا أن القافلة فقدت العديد من حيواناتها عند عبور هذه المنطقة إما غرقا ، أو نفوقا من شدة البرد. والصقيع وساءت حالة النسوة ، والأطفال ، بسبب ترجلهم ، وخوضهم ، وسط المياه وكأنما الحالة تذكر بيوم المحشر. ولكن الحجاج التركمان والعجم قد عبروا المستنقع بدون أدنى تردد ، وكانوا أكثر جرأة ، فى خوض غمار المياه ، وأكثر تصرفا ، إذ كانوا يضعون بعض الأكلمة تحت أقدام الجمال التى تغوص فى الأوحال حتى يساعدونها على الخروج ومداومة السير.
منزل صحراء بلقاء :
عبارة عن منطقة رملية بها بعض الكلأ الأخضر. وكان المطر ما يزال منهمرا. ولم يكن حسين باشا يكف عن الطواف ، والدوران ممتطيا صهوة جواده حتى يطمئن على الجميع ، ويجمع الجمال والحجاج الذين تفرقوا ، ويجمع لهم أمتعتهم ، وأموالهم ، فنال دعاء الجميع. وأمر بإعداد عشرة قدور من الحساء الساخن ، وتم توزيعها على الحجيج ، حيث كانت بوادر أزمة فى المواد الغذائية بدأت تظهر بين أعضاء القافلة ، ووصل ثمن الأوقة من البقسماط ثلاث قطع ذهبية. وفقد الحجاج أملهم فى الوصول إلي عرفات فى الموعد المناسب. وهبت هنا أيضا عاصفة هو جاء ، لم تبق على شئ ، حيث اقتلعت الخيام بأوتادها ، وبعثرت المؤن ، والأحمال ، من أماكنها. فأمر الباشا أن يتوسل الحجاج ثانيا بقراءة الأنعام الشريفة ، والإخلاص. فهدأت الأمطار قبيل المساء ، ولكن اشتد البرد القارس ، لدرجة أن أحد عشر رجلا وما يزيد عن مائتى جمل ، وفرس ، وبغل ، قد تجمدت ، كما تجمدت المياه فى القرب ، وغطى الصقيع ، والثلوج وجه الصحراء. ولما رأى الحجاج فى الصباح ؛ أنه لم يعد هناك وحل على الطريق ، فتحركت القافلة على