الفور ، واستمرت فى سيرها ، أربعة عشر ساعة ، حتى دخلنا فى ممر ضيق ومضيق مهول.
قلعة الفطران :
تخضع لسيطرة صوباشى (١) قلعة الكرك من أعمال القدس. أهلها غلاظ ، عصاة حتى أنه ما أن بدت قلعة القطران للعيان حتى وجدنا أنفسنا بين أربعين ، أو خمسين فارسا بدويا ، وقد سيروا خيولهم علينا ، ووجهوا سهامهم ، ومزارقهم نحونا. وعلى الفور قام فرساننا بالرد عليهم ، وأمطروهم بوابل من الرصاص ، فقتل إثنان منهم وفر الباقون. ودخلنا نحن القلعة ، وقد كانت على شكل مربع ، قلعة صغيرة محيطها ثلثمائة خطوة ، بداخلها سبع منازل ومخازن. بها سبعون رجلا من رجال الحصار ـ جنود القلاع. ومعظمهم يجلبون مؤنهم ، وموادهم الغذائية من الكرك ، كما يحضرون الظهيرة ؛ ويبيعونها هنا ، بأسعار عالية.
تحرك العبد الفقير من هناك مع بعض من جند القلعة وحوالى مائتى من المسلحين بالبنادق ، وأتجهنا نحو الغرب متخطين عقبات ، وسالكين طرقا حجرية ، حتى وصلنا قلعة الكرك بعد مسيرة ساعتين.
قلعة الكرك :
تعد من أهم سناجق ولاية القدس ، وهى ملتزمية (٢) ضواحيها حوالى سبعين قرية. شيدها العباسيون. وقد سلمت القلعة إلى السلطان سليم (٣) سنة ٩٢٢ ه ـ
__________________
(١) صوباشى : Subasi ـ أمين البلدية ـ ومدير الأمن ؛ اصطلاح ادارى عثمانى كان يطلق على كبار موظفى الإدارة فى المراكز والقصبات فى العهد العثمانى. وكانت أعمالهم تشبه أعمال الضبطية الإدارية فى عصرنا الحالى. وكان عثمان هان ـ مؤسس الدولة العثمانية ـ هو أول من أسند هذا المنصب إلي أخيه «كوندوز بك». كما أسند أعمال الحكومة إلى إبنه أورخان بك ، وذلك بعد فتح قره حصار. [عاشق باشازادة مارنجى ص ٢٠] كما قام السلطان محمد الفاتح بتعيين «سليمان بك» صوباشيا على استانبول بعد فتحها ، وفوضه فى أمر تعميرها واعمارها. [تاج التواريخ ج ١ ص ٤٤٧]. «المترجم»
(٢) الملتزمية : اصطلاح مالى عثمانى يطلق على القرية أو القصبة التى تمنح لأجد رجالات الدولة نظير مبلغ معيّن يقدمه إلى الخزينة سنويا أو يدفعه مقدما لعدة سنوات ثم يقوم بتحصيله من الأهالى. وكانت هذه الملتزمية تحال إلى من يدفع أكثر. كما يمكن أن يطلق هذا المصطلح على المبلغ المطلوب من الملتزم. «المترجم»
(٣) السلطان سليم الأول : ٨٧٥ / ٩٢٦ ه ـ ١٤٧٠ / ١٥٢٦ م.