الدين المصحف فأراه ما بعد الراء من قوله ما شاء ركبك فتعجب الراهب من ذلك وصدق بأن في الكتاب كل شيء قال وهذه فراسة قوية وهداية سنية من الشيخ رضي الله عنه ولا شك أن في الذكر كل شيء ولكن لا يهتدي إلى ذلك إلا من خصه الله تعالى بالفهم الرباني والعلم الإلهي.
قال وقد ذكر لي بعض الناس أنه رأى منصوصا وقوع هذه الحكاية لغيره قلت ويحتمل أن يكون هذا الراهب أخذ هذه الحكاية ممن سبقه إليها ممن تقدم وثبتت في ذهنه وأبرزها في معرض الاختبار للشيخ أو أقترحها من غير ثبوت سلف فيها ويكون من وقع الحافر على الحافر والله تعالى اعلم.
قال من نظير ما تقدم من اشتمال القرآن الكريم على أخبار كل شيء حتى علم الحدثان والوقائع ما أخبرني به شهاب الدين أحمد بن التاج أن ملك بلاد الروم السلطان سليم أحد ملوك الترك وهو أول داخل منهم لمصر وتملكها من يد السلطان الغوري سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة كان سبب تملكه لها انه لما تملكت بلاد الشام حدثته نفسه بالتملك على بلاد العراق إذ هي أصل منشأهم ومساكن أسلافهم التركمان فخرج من بلد اصطنبول التي هي قاعدة ملكهم فلما وصل إلى الشام بعساكره تعذرت عليه العلوفة لغلاء حصل في تلك الناحية فاحتاج إلى الميرة والتزود من مصر فكتب بذلك إلى الغوري يستأذنه في الامتيار من بلده وكان الشاه ملك عراق العجم في ذلك الوقت لما سمع بتحرك السلطان سليم كاتب الغوري وكانت بينهما صداقة يطلب منه أن يشغله عنه وأن يثبطه ما استطاع وصادف ذلك من الغوري غيرة من السلطان سليم وأنفة من تملكه بلاد الشام وخشي أن اتسع ملكه أن يستولي على مصر ومصر إذ ذاك هي أم البلاد الإسلامية وملكها أعظم الملوك لانتقال الخلافة العباسية من العراق بعد واقعة التتار إلى مصر وعند ما طلب السلطان سليم من الغوري الميرة