ولما حج المهدى أمير المؤمنين سنة ستين ومائة رفع إليه أنه قد اجتمع على الكعبة ثياب كثيرة حتى أنها قد أثقلتها ، ويخشى على الجدران من ذلك ، فأمر بتجريدها ثم ضمخها من خارجها وداخلها بالغالية والمسك والعنبر ، ثم كساها ثلاثة ثياب قباطى وخز وديباج وهو جالس فى المسجد مما يلى دار الندوة ينظر إليها وهى تطلى. وقيل : إن ما فى أحجارها من السمرة إنما حصل من آثار تلك الغالية (١).
فرع : قال النووى رحمهالله : لا يجوز أخذ شىء من طيب الكعبة لا للتبرك ولا لغيره ، ومن أخذ شيئا من ذلك لزمه رده ، فإن أراد التبرك أتى بطيب من عنده فمسحها به ثم أخذه (٢).
ذكر تحلية الكعبة شرفها الله تعالى
أخرج الأزرقى رحمهالله أن أول من حلى الكعبة فى الجاهلية عبد المطلب جد النبىصلىاللهعليهوسلم بالغزالين الذهب اللذين وجدهما فى زمزم حين حفرها وسيأتى الكلام على سبب حفر زمزم فى محله إن شاء الله تعالى (٣).
وأما فى الإسلام فالوليد بن عبد الملك بعث إلى واليه على مكة خالد بن عبد الله القسرى بسنة وثلاثين ألف دينار فضرب منها على باب الكعبة صفائح الذهب ، وعلى ميزاب الكعبة وعلى الأساطين التى فى داخلها والأركان (٤).
ثم لما ولى الأمين بن الرشيد أرسل أيضا إلى عامله بمكة سالم بن الجراح بثمانية عشر ألف دينار ليحلى بها باب الكعبة فقلع ما كان على الباب من الصفائح (٥). وزاد عليها ما بعثه الأمين وضربه صفائح ومسامير وحلى به الباب ، وجعل له حلقتين ذهبا (٦).
وقيل أول من حلى البيت عبد الملك أبو الوليد (٧). وقيل ابن الزبير ثم حلاه الملوك وغيرهم بعد ذلك.
فرع : قال النووى والرافعى : تحرم تحلية الكعبة بالذهب والفضة وكذا سائر المساجد.
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٦٣.
(٢) إخبار الكرام ص ١٦٥.
(٣) شفاء الغرام ج ١ ص ١٨٥.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢١١.
(٥) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢١٢.
(٦) شفاء الغرام ج ١ ص ١٨٦.
(٧) إخبار الكرام ص ١٦٦.