(وأما الندوة) : فهى دار بناها قصى حين صار أمر مكة إليه ليحكم فيها بين قريش ، وكانت أول دار بنيت بمكة ولم يكن يدخلها من قريش من غير ولد قصى إلا ابن أربعين سنة للمشورة ، وأما ولد قصى فيدخلونها كلهم وحلفاؤهم ، ولم تزل دار الندوة بيد عبد الدار ثم جعلها بعده لولده عبد مناف بن عبد الدار ، ثم صارت لبنيه من بعده دون ولد عبد الدار ، وإنما سميت دار الندوة لاجتماع الندى فيها لأنهم كانوا يندونها فيجلسون فيها لتشاورهم وإبرام أمرهم وعقد الألوية لحروبهم (١). وهذه الدار فى الرواق الشامى من المسجد الحرام بالزيادة ، وهى معروفة مشهورة.
(وأما اللواء) : فكان فى أيدى بنى عبد الدار يليه منهم ذو السن فى الجاهلية حتى كان يوم أحد فقتل عليه من قتل منهم (٢).
(وأما القيادة) : فوليها من بنى عبد مناف عبد شمس بن عبد مناف ، ثم وليها بعده ابنه أمية ، ثم من بعده ابنه حرب ، فقاد الناس يوم عكاظ وغيره من حروب قريش ، ثم قاد الناس بعده أبو سفيان ابنه إلا يوم بدر ، قاد الناس عتبة بن ربيعة ، فلما كان يوم أحد والأحزاب قادهم أبو سفيان ، وكانت الأحزاب آخر وقعة لقريش ثم أيد الله الإسلام ومنّ بفتح مكة على نبيه صلىاللهعليهوسلم هذا ملخص ما رواه الأزرقى من خبر قصى (٣). وذكر غيره فى قسمة قصى غير هذا والله أعلم.
فائدتان :
الأولى : روى الفاكهى رحمهالله أن الكعبة شرفها الله تعالى كانت تفتح فى الجاهلية يوم الاثنين ويوم الجمعة. وفى «تاريخ الأزرقى» أنها كانت يوم الاثنين ويوم الخميس يعنى فى الجاهلية (٤). قال الفاسى رحمهالله : وفتحها يوم الجمعة مستمر إلى الآن يعنى فى زمنه ، وفتحها يوم الاثنين متروك (٥).
(أقول) : قد أعيد فتحها يوم الاثنين بعد ذلك وصارت تفتح يوم الاثنين ويوم الجمعة إلى يومنا هذا. وفى هذا دلالة لصحة ما رواه الفاكهى. ومما يؤيده أيضا ما ذكره ابن جبير
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ١٠٩ ، ١١٠.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ١١١.
(٣) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ١١٥.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ١٧٤.
(٥) شفاء الغرام ج ١ ص ٢٠٩.