ومنها : أيضا خصال خمس تتعلق بمنى :
الأولى : أن حصى الجمار على كثرته وتزايده فى كل عام يمتحق ويرى على قدر واحد وقد ورد أن ما تقبل رفع ولو لا ذلك لصار ركاما.
الثانية : أن اللحوم فى أيام متى تشرق وتوضع على الجدران وعلى صخرات الجبال وأسطحة البيوت وهى محروسة بحراسة الله تعالى من خطف الطيور ، وقد شوهد أن الحدأة إذا رأت شيئا أحمر بيد إنسان أو على رأسه انقضت عليه لكى تخطفه وهى تحوم على تلك اللحوم لا تستطيع أن ترزأ منها شيئا. وقيل : إنما سميت أيام التشريق لهذا المعنى.
الثالثة : أن الذباب فى أيام منى لا يقع على الطعام بل يؤكل العسل ونحوه فلا يقع فيه، بل قل أن يحوم عليه هذا مع كثرة العفونات الجالبة لكثرة الذباب فإذا انقضت تلك الأيام تهافت الذباب على ذلك حتى لا يطيب للطاعم طعام وفى ذلك عبرة.
الرابعة : اتساعها للحجيج. روى أبو الدرداء رضى الله عنه قال : قلنا يا رسول الله إن أمر منى لعجيب هى ضيقة فإذا نزلها الناس اتسعت ، فقال النبى صلىاللهعليهوسلم : إنما مثل منى كالرحم إذا حملت وسعها الله تعالى.
الخامس : أن البعوض تكون كثيرة بمنى فى طول السنة إلا فى أيام الموسم فإنها تقل فيها جدا. ذكره أبو سعيد فى «الوفا».
أقول : بل لعل البعوض لا يوجد فى أيام الموسم بمنى ، وإن وجد القليل منه فلا يؤذى وقد جربت ذلك والله الموفق.
فصل
وأما المسجد الحرام فاعلم أن له أربعة استعمالات :
أحدها : نفس الكعبة لقوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ.)
الثانى : الكعبة وما حولها من المسجد. قال النووى : وهو الغالب ، واستدل له بقوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) إذ المراد به نفس المسجد فى قول أنس بن مالك رضى الله عنه ورجحه الطبرى. وفى الصحيح ما يقويه وعليه فهل كان الإسراء