وأما باب إبراهيم فقد أدركته وهو واطئ جدا وإنما رفع وعمل له هذه الدرجة فى حدود سنة خمسة عشر أو ستة عشر وتسعمائة فى دولة الأشرف الغورى على يد الأمير خاير بك المعروف بالمعمار. وقد شاهدت عمارته وأنا إذ ذاك فى المكتب وكانت السيول إذا دخلت المسجد إنما تخرج منه ، والآن كذلك إنما يخرج السيل من القبو الذى تحته لأنه لما رفع جعل تحته العقود بالحجارة المنحوتة لمصرف السيل. انتهى.
فصل فى ذكر الزيادتين وخبر عمارتهما
وذرعهما وذرع المسجد الحرام وعدد منائره وأبوابه
اعلم أنه لم يزد فى المسجد الحرام بعد عمارة المهدى رحمهالله سوى هاتين الزيادين دار الندوة التى فى الجانب الشامى من المسجد ، وزيادة باب إبراهيم فى الجانب الغربى منه.
أما زيادة دار الندوة فسببها كما نقله الفاسى عن إسحاق الخزاعى أن بعض أهل الخير كتب إلى وزير الخليفة المعتضد العباسى يحثه (١) على جعل ما بقى من دار الندوة مسجدا ويقول : إن هذه مكرمة لم تتهيأ لأحد من الخلفاء بعد المهدى. فلما بلغ ذلك المعتضد عظمت رغبته وأخرج لذلك مالا عظيما فأخرجت القمائم من دار الندوة وجعلت مسجدا ووصلت بالمسجد الكبير ، وعمره بأساطين وطاقات وأروقة مسقفة بالساج المزخرف ثم فتح لها فى جدار المسجد الكبير اثنى عشر بابا بعقود ستة كبار وبينهم ستة صغار ، وجعل فى هذه الزيادة ثلاثة أبواب بابان طاقان طاقان : وباب طاق واحد شارعة إلى الطريق التى حولها ، وجعل سقفها مسامتا لسقف المسجد الكبير ، وبنى فيها منارة وشرفا وفرغ من ذلك فى ثلاث سنين (٢).
قال الفاسى رحمهالله : ولم يبيّن إسحاق الخزاعى السنة التى فرغ فها من عمارة هذه الزيادة ، ولعل ذلك كان فى سنة أربع وثمانين ومائتين على مقتضى ما ذكره إسحاق ، من أن الكتابة إلى المعتضد بسبب إنشائها كانت فى سنة إحدى وثمانين (٣) ومائتين.
ثم ذكر أن القاضى محمد بن موسى لما كان إليه أمر البلد غيّر الطاقات التى كانت فى
__________________
(١) تحرف فى المطبوع إلى : «تحية».
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٦٣.
(٣) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٦٣.