فإن مقام الشافعى خلف مقام الخليل ولكن ما يصلى إمام الشافعية إلا فى مقام الخليل قديما وحديثا ، ومقام الحنفى بين الركنين الشامى ويسمى العراقى أيضا ، والغربى عن يمين مقام الخليل فى جهة الشام تجاه جدار الكعبة الذى فيه الميزاب قريب من حاشية المطاف ، ومقام المالكى بين الركنين الغربى ، واليمانى قريب من الحاشية ، ومقام الحنبلى تجاه الحجر الأسود وقربه من المطاف كقرب مقام الحنفى.
ذكر ما فى المسجد الحرام من القبب وغيرها
فيه الآن قبتان كبيرتان متقاربتان جدا إلى جانب بئر زمزم من جهة المشرق : إحداهما وهى التى تلى زمزم معدة لمصالح المسجد كالمصاحف والربعات الموقوفة وحفظ الفوانيس والشمع والشمعدانات النحاس والمسارج النحاس والكراسى الخشب التى ترفع عليها الرباع ، وما أشبه ذلك من الأشياء الموقوفة لمصالح المسجد الحرام. ولم أقف على ابتداء عمارتها متى كانت (وقد) جددها الناصر العباسى ، وكانت موجودة قبله (١).
وذكر الفاسى رحمهالله ما يدل على أنها قديمة لأنه نقل عن ابن عبد ربه أنه ذكرها فى «العقد» (٢) وأن ابن عبد ربه توفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ونقل أيضا عن ابن جبير أنه ذكر هذه القبة فى أخبار «رحلته» (٣) وذكر أنها تنسب لليهودية ولم يبين سبب هذه النسبة.
(والقبة الثانية) هى سقاية العباس عمرت فى سنة ٨٠٧ ، وخلف سقاية العباس ملاصقا لجداره محل لطيف مسقوف فيه آلات الوقادة كالعيدان التى ينزل بها القناديل ويسرج بها ، وكالقصب المجوف الذى يطفأ به المصابيح ، وبعض شىء من الزيت الذى يحتاج إليه لوقيد الشهر ، وبعض شىء من القناديل الزجاج والحراريق التى توقد على المقامات فى الليالى المباركة كليلة أول المحرم وليلة العشر منه وليلة النصف من شعبان وليلة أوائل الشهور وغير هذا.
ومنها : فى المسجد الحرام بئر زمزم ، ومحلها تجاه الحجر الأسود فى محل مرخم عليه سقف وفوقه ظلة مسقفة بالخشب المزخرف ، وفوقه جمالون بقبة فى الوسط مصفح بالرصاص وقد جدد ذلك فى عام ثمانية وأربعين وتسعمائة ، على يد الأمير خشقلدى كان
__________________
(١) إخبار الكرام ص ١٨٩ وما بين حاصرتين منه.
(٢) العقد الفريد ج ٦ ص ٢٥٨.
(٣) رحلة ابن جبير ص ٧٦.