فصل
فيما ورد فى حق قريش من الآيات والأحاديث والآثار
قال الله تعالى : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) السورة (سورة قريش) قال الكواشى : أصل الرحلة السير على الراحلة ثم استعمل لكل سير وقرئ بضم الراء ، وهى الجهة يرحل إليها ، وأراد رحلتى الشتاء والصيف فأفرد للعلم به لأن قريشا كانت ترتحل كل عام للتجارة رحلتين رحلة شتاء إلى اليمن لأنه أدفأ ، ورحلة صيف إلى الشام يستعينون بهم على المقام بمكة. وقريش من ولد النضر بن كنانة ، ومن لم يلده فليس بقرشى. انتهى. والأشهر أن كل من كان من ولد فهر بن مالك فهو قرشى ، ومن لم يكن من ولده فليس بقرشى ، وهو جماع قريش بأسرها ، والدليل على صحة ذلك أنه لا يعلم قرشى من كتب النسب اليوم أن قريشا تنسب إلى أب فوق فهر ، وفهر لقب له والذى سمته به أمه قريش.
وسيأتى آنفا سبب تسميته بذلك بأبسط من هذا إن شاء الله تعالى. قال صاحب «المدارك» وكانت قريش فى رحلتهم آمنين لأنهم أهل حرم الله فلا يتعرض لهم وغيرهم يغار عليهم. والتنكير فى جوع وخوف لشدتهما يعنى أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما ، وآمنهم من خوف عظيم ، وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف التخطف فى بلدهم ومسيرهم. وآمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم. انتهى ملخصا.
وقال تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) (سورة الزخرف : ٤٤) قيل فى تفسيرها يقال ، ممن هذا الرجل؟ فيقال : من العرب. فيقال : من أيهم؟ فيقال رجل من قريش.
وعن ابن عباس : وإنه لذكر لك ولقومك شرف لك ولقومك. وقال تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (سورة الأنبياء : ١٠) أى فيه شرفكم وقال تبارك وتعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (سورة الشعراء : ٢١٤) المراد قريش ، وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ) أى كريم يعنى قريشا ، وقال تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (سورة الشورى : ٢٣) أى لا أسألكم أجرا إلى ما أدعوكم