وقد جمع الفاسى رحمهالله بين هذه الأخبار بأن عتّابا جعل أميرا على مكة ومعاذا إماما وفقيها ، واشترك هبيرة مع معاذ فى الإمامة (١).
ولا يعارض ذلك ما قيل فى ترجمة هبيرة من أنه أول من صلى بمكة جماعة كما تقدم ، لإمكان أن يكون حان وقت الصلاة وهبيرة حاضر فى الناس ومعاذ غائب فبادر هبيرة فصلى بالناس لتحصيل فضيلة أول الوقت ، ثم حضر معاذ وصلى بمن لم يكن يدرك الصلاة خلف هبيرة وهذا أولى من جعل الأخبار متعارضة فى ولاية عتاب.
هذا معنى كلام الفاسى ، وقد أجاد لأن ولاية عتاب مما بلغ حد التواتر ، ولم يزل عتاب أميرا على مكة إلى أن مات. وكانت وفاته يوم مات أبو بكر رضى الله عنه ، وقيل بل يوم جاء نعى الصديق إلى مكة (٢).
ونقل ابن عبد البر ما يقتضى أن الصديق عزل عتّابا ، وولى الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشىّ الهاشمى ، وهو ضعيف (٣). والمشهور دوام ولاية عتاب على مكة إلى أن مات فى التاريخ المتقدم آنفا ، ثم ولى مكة فى خلافة الصديق نيابة عن عتاب لسفر طرأ له المحرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزّى بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى (٤).
ذكر من ولى مكة فى خلافة عمر بن الخطاب
رضى الله عنه
وليها له جماعة أولهم المحرز بن حارثة المذكور وذلك فى أول خلافته ثم وليها قنفذ ابن عمر بن جدعان التيمى بعد عزل المحرز ، ثم وليها نافع بن عبد الحارث الخزاعى بعد عزل قنفذ ، ووليها بعد عزل نافع خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومى ، وطارق بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناف ، وعبد الرحمن بن أبزى مولى خزاعة نيابة عن مولاه نافع بن عبد الحارث لما خرج لملاقاة عمر رضى الله عنه بعسفان ، وأنكر عمر ذلك على نافع كما
__________________
(١) شفاء الغرام ج ٢ ص ٢٥١.
(٢) شفاء الغرام ج ٢ ص ٢٥٣.
(٣) الاستيعاب ص ٢٩١.
(٤) الاستيعاب ص ١٤٦١ ، شفاء الغرام ج ٢ ص ٢٥٤.