وعرفه الأزرقى بمسجد إبراهيم الخليل عليهالسلام (١). وجزم به الرافعى والنووى ، وخالف ابن جماعة ، وقال ليس لذلك أصل ، وتبعه الإسنوى على ذلك ، قال الفاسى : وفيه نظر لمخالفتهما ما يقتضى كلام الأزرقى وهو عمدة فى هذا الشأن. انتهى (٢).
ومنها : مسجد التنعيم الذى اعتمرت منه عائشة أم المؤمنين بعد حجها عام حجة الوداع ، واختلف فيه ، فقيل هو المسجد الذى يقال له مسجد الهليلجة (٣) بشجرة كانت فيه. قال الفاسى : وهو المتعارف عند أهل مكة وفيه حجارة مكتوب فيها ما يؤيد ذلك ، وقيل هو المسجد الذى بقربه بئر وهو بين هذا المسجد وبين المسجد الذى يقال له مسجد [على] بطريق وادى مرّ. وفى هذا أيضا حجارة مكتوب فيها بما يشهد لذلك ، والخلاف قديم انتهى. ورجح الطبرى أنه الذى بقربه البئر (٤).
فائدتان :
الأولى : إنما سمى هذا المحل التنعيم لأن على يمينه جبلا يقال له نعيم وعن يساره جبلا يقال له ناعم ، والوادى الذى بينهما نعمان كذا قيل.
الثانية : نعمان واد آخر فوق عرفة بقليل مشتمل على أودية كثيرة لأعراب مكة وغيرهم. قال البغوى وغيره من المفسرين : إنه واد مقدس وفيه أخذ الله العهد.
ومنها : مسجد الجعرانة ، وهو الذى أحرم منه النبى صلىاللهعليهوسلم بعمرة مرجعه من الطائف بعد فتح مكة ، وموضع إحرامه من وراء الوادى حيث الحجارة المنصوبة بالعدوة القصوى. أخرجه الأزرقى عن مجاهد رضى الله عنه. وكذا ذكره الواقدى أيضا. واختلف فى إحرامهصلىاللهعليهوسلم متى كان ، والراجح أنه ليلة الأربعاء لاثنتى عشرة ليلة بقيت من ذى القعدة عام الفتح. والجعرانة بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء وفتحها. وقيل بكسر الجيم والعين وفتح الراء المشددة لغتان حكاهما النووى فى «تهذيب الأسماء واللغات» (٥).
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢٠٢.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٨٦ وما بعدها.
(٣) تحرف فى المطبوع إلى : «الهليجة» وصوابه لدى الفاسى الذى ينقل عنه المصنف.
(٤) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٢٩ وما بين حاصرتين منه.
(٥) ق ٢ ج ١ ص ٥٨ ولديه : «بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء هكذا صوابها عند إمامنا الشافعى والأصمعى ، وأهل اللغة ومحققى المحدّثين وغيرهم ، ومنهم من يكسر العين ويشدد الراء وهو قول أكثر المحدّثين ، قال صاحب مطالع الأنوار : أصحاب الحديث يشددونها ، وأهل الإتقان والأدب يخطئونهم ويخففون وكلاهما صواب».