العلة فى ذلك إنما هو التبرك ، وهذا المسجد من البقاع العظيمة التى لا يشك فيها ، وكم صلى فيه من حجاج الصحابة ، والتابعين والعلماء والأولياء والسادات ، لأن كون هذا المحل مصلى الإمام مما يؤثره الخلف عن السلف ، وإذا كان كذلك فيبعد أن يتركه الأخيار ويصلون فى غيره ، فكان عده من جملة المساجد المستحب زيارتها أولى ، ولهذا ذكرته وعددته من جملتها.
الثانى : مسجد فوق العمرة المعروفة بالتنعيم إلى جهة وادى مرّ على يمين الذاهب إليه ، ويعرف بمسجد علىّ. ذكره الفاسى ضمنا عند ذكره لمسجد التنعيم (١). وقد مر كلامه ، ولم يبين أمره ولا تعرض لعلى الذى نسب إليه هذا المسجد. ولم أقف على شىء من خبره.
وأما ما لم يذكر من المساجد ، فمسجد واحد بمكة أمام الصاعد من باب العمرة على يسار الذاهب إلى جهة سوق باب إبراهيم ، فيه محراب لطيف جدا ، يقال : إن النبىصلىاللهعليهوسلم صلى فيه. هذا ما وقفت عليه ، والله أعلم.
ذكر الجبال المباركة بمكة وحرمها
منها : الجبل المعروف بأبى قبيس أحد أخشبى مكة المشرف على الصفا ، وهو مشهور لا يحتاج إلى بيان ، ويروى عن وهب بن منبه رضى الله عنه أن قبر آدم صلوات الله عليه فى غار فى جبل أبى قبيس يقال له غار الكنز ـ بالنون والزاء العجمة ـ وأن نوحا عليهالسلام لما جاء الطوفان استخرجه من الغار وجعله فى تابوت وحمله فى السفينة ، فلما غيض الماء أعاده إلى الغار (٢). والله أعلم بذلك.
وهذا الغار لا يعرف الآن ، وقيل : إن قبره بمسجد الخيف بعد أن صلى عليه جبريل عند باب الكعبة. وقيل ببيت المقدس. وقيل ببلاد الهند. وصححه الحافظ ابن كثير فى «تفسيره» ونقل عن الذهبى أن قبر حواء وشيث فى جبل أبى قبيس (٣). والله أعلم بالحقائق.
ومن فضائله أنه كان يدعى الأمين فى الجاهلية. لأن الحجر الأسود استودع فيه عام
__________________
(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٢٩.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٤١.
(٣) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٤١ ـ ٤٤٢.