لا يرجع الطرف منه حين يبصره |
|
حتى يعود إليه الطرف مشتاقا |
ومن ذلك قوله تعالى : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (سورة الحج : ٢٩) والمراد به طواف الزيارة الذى هو ركن فى الحج باتفاق الأئمة الأربعة ، ولا يحصل تمام التحلل إلا به ، وهو آخر فرائض الحج الثلاثة ، ثم قال قال النسفى : وهو : مطاف أهل الغبراء كما أن العرش مطاف أهل السماء.
مطلب : تسمية الكعبة البيت العتيق
واختلف فى تسميته بالعتيق ، فقيل : لأن الله أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار. قيل : لقدمه لأنه أول بيت وضع كما تقدم ، والعتيق القديم ، قاله الحسن. وقيل : لأنه كريم على الله لأنه لم يجر عليه ملك لأحد من خلق الله فلا يقال بيت فلان وإنما بيت الله. وقيل : لأنه أعتق من الغرق لما أنه رفع زمن الطوفان. وقيل : لشرفه سمى عتيقا. وفيل : لأن الله تعالى يعتق فيه رقاب المؤمنين من العذاب. وقيل : لأنه يعتق زائره من النار وهو قريب مما قبله. وقيل غير ذلك. والقول الأول هو المعتمد وفى هذا من التنويه بشأنه ما لا يخفى.
استطراد : قوله بعد هذه الآية : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) (سورة الحج : ٣٠) الآية ، قال النسفى : الحرمة ما لا يحل هتكه وجميع ما كلفه الله عزوجل بهذه الصفة من مناسك الحج وغيرها ، فيحتمل أن يكون عاما فى جميع تكاليفه ويحتمل أن يكون خاصا فيما يتعلق بالحج.
وقيل : حرمات الله خمس : البيت الحرام ، والمشعر الحرام ، والشهر الحرام ، والبلد الحرام ، والمسجد الحرام.
أقول : فعلى هذا القول يكون التعظيم خاصا بهذه الخمس والله الموفق. وذكر الزمخشرى بدل المشعر المحرم حتى يحل ، ومن ذلك قوله تعالى : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (سورة الحج : ٣٣) أى عنده ، والمراد الحرم الذى هو حريم البيت كقوله : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) (سورة المائدة : ٩٥) كما تقدم ، والمعنى واحد فلا نطول.