وأخرج الأزرقى أن معاوية لما دخل الكعبة استدعى ابن عمر وهو فيها فقال له : يا أبا عبد الرحمن ، أين صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم منها؟ قال : بين العمودين المقدّمين ، اجعل بينك وبين الجدار ذراعين أو ثلاثة (١).
فوائد : الأولى : قال الحافظ أبو الفضل العراقى : وينبغى للمصلى أن لا يجعل بينه وبين الجدار أقل من ثلاثة أذرع ، فإن كان الواقع أنه ثلاثة فقد صادف مصلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، وإن كان ذراعين فقد وقع وجه المصلى وذراعاه فى مكان قدمى النبى صلىاللهعليهوسلم ، فهذا أولى من التقدم عنه (٢). والله أعلم انتهى.
الثانية : إدخال النبى صلىاللهعليهوسلم هؤلاء الثلاثة معه لمعان تخص كل واحد منهم.
(أما دخول عثمان بن طلحة) فلئلا يتوهم الناس أنه عزله أو لأنه كان يقوم بفتح الباب وإغلاقه.
(وأما بلال) فلكونه مؤذنه وخادم أمر صلاته.
(وأما أسامة) فلأنه كان يتولى خدمة ما يحتاج إليه.
الثالثة : أن الحكمة فى غلق عثمان الباب عليهم لأمرين : لئلا يزدحم الناس عليهصلىاللهعليهوسلم ، ولئلا يظنوا أن الصلاة فيه سنة. قاله الكرمانى.
وهذا الدخول الذى وقع فى يوم الفتح هو أول دخوله صلىاللهعليهوسلم بعد الهجرة. ولا خلاف فيه بين العلماء كما ثبت ذلك عن ابن عمر فى الصحيحين وغيرهما.
وقيل : إنه دخل البيت بعد ذلك ثلاث مرات أخر : الأولى : فى ثانى الفتح لحديث أخرجه الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه فى مسنده عن أسامة رضى الله عنه وفيه أنهصلىاللهعليهوسلم صلى ركعتين ولم يصل يوم الفتح.
الثانية : فى عمرة القضية لما رواه المحب الطبرى فى «القرى» (٣) عن عروة بن الزبير.
الثالثة : فى حجة الوداع لما أخرجه أبو داود فى سننه عن ابن أبى مليكة عن عائشة رضى الله عنها وقد ضعفها العلماء. وبين الفاسى رحمهالله ما فيها من الوهن والضعف.
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٧١.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٢٢٧.
(٣) تحرف فى المطبوع إلى : «الغرر».