ونقل الأزرقى أيضا أنه صلىاللهعليهوسلم إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح ثم حج ولم يدخلها(١). انتهى والله أعلم.
وهذا يدل على عدم دخوله فى المرات الثلاث.
(استطراد مفيد) : أجمع العلماء وأصحاب السير والمحدثون أن حجة الوداع كانت وقفتها الجمعة بلا ريب ونقل النووى فى «الروضة» أن وفاة النبى صلىاللهعليهوسلم كانت ضحوة يوم الاثنين لاثنتى عشرة خلت من ربيع الأول. كذا نقله ابن سيد الناس (٢) وغيره من أصحاب السير ، وهو مذهب الجمهور الراجح. واعترضه بعض العلماء بأنه لا يستقيم أن تكون وفاتهصلىاللهعليهوسلم يوم الاثنين ثانى عشر ربيع الأول حيث كانت الوقفة فى عام حجة الوداع سواء تمت الشهور الثلاثة التى بقيت من عمره صلىاللهعليهوسلم أم نقصت أم تم بعضها ، لأنها إن تمت كان الثانى عشر من ربيع ، الأحد. لأنه يكون أول ذى الحجة الخميس وآخره الجمعة وأول المحرم السبت وآخره الأحد وأول صفر الاثنين وآخره الثلاثاء وأول ربيع الأربعاء وحينئذ يكون ثانى عشره الأحد ، وإن نقص شهر واحد كان أول ربيع الثلاثاء فيكون ثانى عشره السبت وإن نقص شهران كان أول ربيع الاثنين وثانى عشره الجمعة وإن نقصت الثلاثة كان أول ربيع الأحد وثانى عشره الجمعة.
قال العلامة ابن العماد : وهذا الاعتراض ساقط من أصله ، والصواب ما قاله الجمهور وصاحب «الروضة» وذلك أن التاريخ إنما يقع برؤية الهلال ، والأهلة تختلف بحسب اختلاف المطالع ، وكل قطر يؤرخون ويصومون برؤيتهم ولا يعتبرون رؤية من بعد عنهم كما قاله الأصحاب واتفقوا عليه فى كتاب الصيام.
فحينئذ فأهل مكة رأوا هلال الحجة ليلة الخميس ووقفوا الجمعة. وأهل المدينة يجوز أنهم رأوه ليلة الجمعة لأن مطلعهم مختلف مع أهل مكة ، فإذا تمت الشهور كان أول ذى الحجة الجمعة وآخره السبت ، وكان أول ربيع الأول الخميس فيكون ثانى عشره الاثنين وهذا الجواب صحيح ، ويتصور أيضا بغير هذا.
والعجب ممن يقدم على تغليط جمهور العلماء ويغفل عن قاعدة التاريخ وأقوال العلماء
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ١ ص ٢٦٩ ، والقرى ص ٤٩٥.
(٢) سيرة ابن سيد الناس ج ٢ ص ٣٣٨.