وأخرج الأزرقى عن موسى بن عقبة قال : طفت مع سالم بن عبد الله بن عمر خمسة أسابيع كما طفنا سبعا دخل الكعبة فصلى فيها ركعتين.
وما أحسن ما أنشده الحافظ أبو طاهر السلفى لنفسه بعد أن دخل الكعبة :
أبعد دخول البيت والله ضامن |
|
يبقى قبيح والخطايا الكوامن |
فحاشا وكلا بل تسامح كلها |
|
ويرجع كل وهو جذلان آمن (١) |
وأما ما يطلب فى الكعبة من الأمور التى فعلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فالتكبير والتسبيح والتهليل والتحميد والثناء على الله تعالى والدعاء والاستغفار للأحاديث الدالة على ذلك فى «الصحيحين» وغيرهما. وفيهما أيضا عن أسامة أنه صلىاللهعليهوسلم حين خرج من البيت ركع قبل البيت ركعتين ، وقال : هذه بالقبلة. وقبل : بضم القاف والباء الموحدة ، ويجوز إسكان الموحدة وهو ما استقبلك (٢) منها.
وفى معنى قوله صلىاللهعليهوسلم هذه القبلة ثلاثة احتمالات. الأول : أن أمر القبلة قد استقر على استقبال هذا البيت فلا ينسخ بعد اليوم وصلوا إليه أبدا الثانى : أن معنى ذلك أنهصلىاللهعليهوسلم علمهم سنة موقف الإمام وأنه يقف فى وجه الكعبة دون أركانها وجوانبها وإن كانت الصلاة فى جميع جهاتها مجزئة. قالهما أبو سليمان الخطابى رحمهالله الثالث : قاله النووىرحمهالله فى «شرح مسلم» بعد ذكره للاحتمالين الأولين ، وهو أن معناه هذه بالكعبة هى المسجد الحرام الذى أمرتم باستقباله لا كلّ الحرم ولا مكة ولا كل المسجد الذى حول الكعبة بل هى الكعبة نفسها فقط (٣). والله أعلم.
أقول : قد ظهر لى احتمال آخر لم أر أحدا ذكره وهو أنه يحتمل أن يكون المراد بقوله هذه القبلة التعظيم والتشريف والتأكيد لأمرها والإشادة بذكرها على حد قولهصلىاللهعليهوسلم لعمر رضى الله عنه عند الحجر الأسود : هاهنا تسكب العبرات. والله الموفق.
__________________
(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٢٥٦.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٢٥٨.
(٣) شفاء الغرام ج ١ ص ٢٥٨.