كما أبرقت قوما عطاشا غمامة |
فلمّا رأوها أقشعت وتجلّت (١) |
لوجوب انتزاعه من الجميع ؛ فإنّ المراد التشبيه باتصال اتبداء مطمع بانتهاء مؤيس.
والمتعدّد الحسىّ : كاللون ، والطّعم ، والرائحة ، فى تشبيه فاكهة بأخرى.
والعقلىّ : كحدّة النظر ، وكمال الحذر ، وإخفاء السّفاد ، فى تشبيه طائر بالغراب.
والمختلف : كحسن الطلعة ، ونباهة الشأن ، فى تشبيه إنسان بالشمس.
(١٥٧) واعلم : أنه قد ينتزع الشبه من نفس التضادّ ؛ لاشتراك الضدّين فيه (٢) ، ثم ينزل منزلة التناسب بواسطة تلميح ، أو تهكّم ؛ فيقال للجبان : ما أشبهه بالأسد ، وللبخيل : هو حاتم.
(١٦٠) وأداته : (الكاف) ، و (كأنّ) ، و (مثل) وما فى معناها. والأصل فى نحو (الكاف) : أن يليه المشبّه به ؛ وقد يليه غيره ؛ نحو : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ)(٣) ، وقد يذكر فعل ينبئ عنه ؛ كما فى : «علمت زيدا أسدا إن قرب ، و:» حسبت ... إن بعد.
(الغرض من التشبيه)
(١٦٦) والغرض من التشبيه ـ فى الأغلب ـ أن يعود إلى المشبّه ، وهو : بيان إمكانه ؛ كما فى قوله (٤) [من الوافر] :
فإن تفق الأنام وأنت منهم |
فإنّ المسك بعض دم الغزال |
أو حاله ؛ كما فى تشبيه ثوب بآخر فى السواد ، أو مقدارها ؛ كما فى تشبيهه بالغراب فى شدّته ، أو تقريرها ؛ كما فى تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء.
__________________
(١) أورده القزوينى فى الإيضاح ص ٣٥٤ ، والطيبى فى شرحه على مشكاة المصابيح بتحقيقى ١ / ١٠٧.
(٢) أى فى التضاد.
(٣) الكهف : ٤٥.
(٤) البيت للمتنبى من قصيدة يرثى فيها والد سيف الدولة ، ديوانه ٣ / ١٥١ ، والإشارات ص ١٨٧.