المراد بالحسى
(والمراد بالحسى) هنا (المدرك هو) بنفسه كالخد والورد فيما تقدم (أو) لم يدرك هو بحالته المخصوصة ، ولكن أدركت (مادته) أى : أصله الذى يحصل منه ، وتحققت به حقيقته التركيبية ، كما سيأتى فى المثال.
(بإحدى الحواس الخمس الظاهرة) متعلق بقوله المدرك يعنى أن المدرك بإحدى الحواس بنفسه أو بمادته هو المراد بالحسى ، والحواس الخمس هى البصر والشم والسمع والذوق واللمس ، ويأتى تفسيرها ـ إن شاء الله تعالى.
(فدخل فيه) أى : فى الحسى (الخيالى) ، وإنما دخل حيث لم يشترط كونه مدركا بالحواس الخمس بنفسه ، بل الشرط أن يدرك هو أو تدرك مادته ولو لم يدرك هو بها قط فبسبب زيادته أو مادته دخل الخيالى وهو المركب من أمور وهى مادته كل واحد على حدة موجود يدرك بالحواس ، لكن هيئته التركيبية لم توجد وذلك (كما فى قوله) كالمشبه به الموجود فى قول الشاعر (وكأن محمر الشقيق) (١) المحمر وصف الشقيق فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف والأصل : وكأن الشقيق المحمر على حد قولهم جرد قطيفة أى : القطيفة الجرداء ، وهى التى ذهب خملها من طول البلى أو صنعت كذلك من أصلها ، والشقيق نور ينفتح كالورد أوراقه حمر ، وفيما بين تلك الأوراق وهو وسطه سواد ، وكثيرا ما ينبت فى الأراضى الجبلية ، وإضافته إلى النعمان فى قولهم شقائق النعمان ؛ لأنه كان كثيرا فى أرض كان يحميها النعمان وهو ملك من ملوك الحيرة ، وقيل : والنعمان يسمى به كل ملك فى ذلك البلد ، وأشهرهم النعمان بن المنذر.
(إذا تصوب) متعلق بمقتضى كأن أى : يشبه الشقائق حين تصوب أى مال إلى أسفل (أو تصعد) أى مال إلى أعلى ، وميله إلى العلو والسفل بتحريك الريح له (أعلام) خبر كأن (ياقوت) وعنى بالياقوت الحجر النفيس المعلوم بشرط أن يكون أحمر وهو أغلب الياقوت (نشرن على رماح من زبرجد) الرماح معلوم والزبرجد حجر نفيس
__________________
(١) البيت للصنوبرى ، فى المصباح ص (١١٦) ، وأسرار البلاغة ص (١٥٨) ، والطراز (١ / ٢٧٥) ، وهو فى شرح عقود الجمان بلا نسبة (٢ / ١٥) ، وفي الإشارات والتنبيهات (١٧٥) ، وبلا نسبة كذلك.