أخضر ، فالهيئة التركيبية التى قصد التشبيه بها وهى هيئة نشر أعلام مخلوقة من الياقوت على رماح مخلوقة من الزبرجد لم تشاهد قط لعدم وجودها ، ولكن هذه الأشياء التى اعتبر التركيب معها التى هى مادة ، أى أصل تلك الهيئة ، وهى العلم والياقوت والزبرجد ، وشوهد كل واحد منها لوجوده فهو محسوس ، وقد علم من هذا أن ليس المراد بالخيالى هنا ما تقدم وهى الصورة المدركة بالحواس ، ثم تبقى فى خزانة الخيال بعد غيبتها عن الحس المشترك ؛ لأن هذا المركب المسمى بالخيالى هنا ليس صورة مشاهدة قط لعدم وجودها ؛ وإنما أحست مادته ، فالمراد بالخيالى هنا المركب من مادة مشاهدة ، وهو بنفسه معدوم ، واختار إلحاقه بالحسى دون العقلى مع أن صورته الكلية تدرك بالعقل نظرا لمادته المحسوسة ، فلما كانت مادته صورا خيالية بعد شهودها وغيبتها عن الحس المشترك ناسب جعله حسيا خياليا مع أنه لو جعل الحسى ما يدرك بالحواس حقيقة والعقلى ما سوى ذلك انضبط التقسيم أيضا ، وأحاط مع قلته.
المراد بالعقلى
(و) المراد (بالعقلى ما عدا ذلك) ، وهو ما لا يكون هو ولا مادته مدركا بأحد الحواس الخمس الظاهرة ، (فدخل فيه) أى فى العقلى على هذا (الوهمى) ، وليس المراد بالوهمى هنا ما تقدم فى باب الفصل والوصل ، وهو المعنى الجزئى المحقق خارجا فى المحسوس بشرط أن لا تتوصل النفس إليه من طريق الحواس كعداوة وصداقة فى عمرو وإذاية فى ذئب تدركها الشاة مثلا ؛ وإنما المراد به الذى لا يكون للحس مدخل فيه ، أى باعتبار نفسه ومادته ، ولكن يكون له مدخل فيه بأن يكون شيئا آخر (أى ما هو) معدوم (غير مدرك بها) ، أى بإحدى الحواس الخمس المذكورة ، (و) لكنه بحيث (لو) وجد ف (أدرك لكان مدركا بها) ، أى : بتلك الحواس ، فهو يتميز عن الخيال السابق بأن لا وجود لمادته ولا لنفسه حتى يدرك هو أو مادته بالحواس ، ويتميز عن العقلى الصرف بأنه لو وجد وأدرك لأدرك بالحواس بخلاف العقلى المحض فإنه يوجد ويدرك بغير الحواس كالعلم والحياة ؛ وإنما جعل هذا الوهمى من قبيل العقلى هنا مع أنه لو وجد وأدرك أدرك بالحواس ؛ لأنه معدوم فصار إدراكه إدراك ما لا يحس فى الحالة الراهنة ،