وجه التشبيه
(ووجهه) أى : ووجه التشبيه بين المشبهين الذى هو من جملة الأركان السابقة هو (ما) أى : المعنى الذى (يشتركان فيه) بأن يوجد فيهما معا ، والمراد بالمشترك فيه فى باب التشبيه الأمر الذى يختص به المشبهان فى قصد المتكلم فيقصده للتشبيه لتحقيق الفائدة به بخلاف ما ليس كذلك فلا يقصد لعدم تحقق الفائدة فيه فقولنا مثلا : زيد كالأسد ، ووجهه كالشمس ، يكون الوجه فى الأول الجراءة المختصة بهما وبما ضاهاهما المشهورة بالأسد ، وفى الثانى الحسن والبهاء ، فلا يصح أن يكون الوجه فيهما الجسمية ونحوها ككونهما ذاتين أو حيوانين أو موجودين أو غير ذلك لعمومه وعدم فائدته ، اللهم إلا أن تعرض الفائدة لقصد المتكلم كالتعريض بمن لا يفهم المشابهة فى وجه من الوجوه فيكون كالمختص فى الإفادة ثم المراد بوجود الوجه المذكور فى المشبهين أن يثبت فيهما (تحقيقا) بأن يتقرر فى كل منهما على وجه التحقق ، كما تقدم فى تشبيه زيد بالأسد (أو) يثبت فيهما (تخييلا) أى : على وجه التخيل والتوهم بأن لا يكون ثابتا فيهما وفى أحدهما حقيقة ، ولكن يثبته الوهم ويقرره بتأويل غير المحقق محققا كعادة الوهم فى أحكامه الغير الواقعة فى نفس الأمر ، وذلك كاف فى التشبيه والإلحاق هنا ، وإلى هذا أشار بقوله : (والمراد بالوجه التخييلى) هنا أى : المنسوب إلى التخييل والتوهم هو أن لا يوجد ذلك المعنى المجعول وجه الشبه فى أحد الطرفين أو فى كليهما ، ولكن يثبته الوهم فيهما على طريقه المعلوم ، وهو تخيل ما ليس بالواقع فى نفس الأمر واقعا لسبب من الأسباب ، وذلك (نحو ما) أى : الوجه الذى (فى قوله) أى : فى قول القاضى التنوخى (وكأن النجوم) (١) حال كونها لائحة (بين دجاه) أى : دجى الليل ، والدجى جمع دجية كغرفة وغرف ، والدجية الظلمة وجمعها مضافة لليل باعتبار قطعها الموجودة فى النواحى المتقاربة والمتباعدة ، وإلا فهى واحدة لعدم تميز أفراد مستقلة لها ، هذا على أن الضمير فى دجاه مذكر كما فى هذه الرواية ، وروى بين دجاها بتأنيث الضمير فيعود على النجوم ،
__________________
(١) البيت للقاضى التنوخى ، والمصباح ص (١١٠) ، ونهاية الإيجاز ص (١٩٠).