يمشى فى الظلمة فلا يهتدى ، أى : فلا يتوصل (للطريق) الذى تقع له به النجاة (ولا يأمن) فى مشيه فى تلك الظلمة (أن ينال) أى : أن يلقى (مكروها) يتأذى به (شبهت) جواب لما أى : لما كان صاحب البدعة كالماشي فى الظلمة شبهت البدعة (بها) أى : بالظلمة فى عدم الأمن من لقاء المكروه وفى عدم الاهتداء لطريق النجاة ، ولا يخفى ما فى الكلام من شبه اتحاد الجواب بالشرط ، إذ حاصله أن صاحب البدعة لما كان شبيها بصاحب الظلمة شبهت البدعة بالظلمة ومعلوم أن العلم بتشبيه الصاحب بالصاحب علم بتشبيه المصاحب بالمصاحب ، والخطب فى مثل ذلك سهل لظهور المراد ، (ولزم) من ذلك (بطريق العكس أن تشبه السنة) أى : أن يصح تشبيه السنة (وكل ما هو علم بالنور) ، وإذا صح هذا لزم وقوعه إذا أريد ، وقد أريد ووقع ؛ ولذا قلنا بطريق العكس أى : بالطريق الذى هو مراعاة المعاكسة والمخالفة الضدية ؛ لأن ما يترتب على الشيء من جهة أنه ضد يترتب عكسه ، أى : خلافه ، على مقابله ، وإلا انتفت الضدية ، ويحتمل أن يراد بطريق العكس العكس المتقرر فيما ذكروا فى التعليل ، وهو انتفاء الحكم عند انتفاء العلة ، فإذا كانت الضدية الخاصة علة فى صحة التشبيه بشيء كان انتفاؤه فى ضده علة لخلافه أى لصحة التشبيه بمقابله وإلا لزم كون لازم الضد ثابتا لمقابله فينتفى التضاد والاحتمالان متلازمان ، وبهذا يندفع ما يقال من أن تشبيه الضد بشيء لا يستلزم صحة تشبيه ضده بمقابل ذلك الشيء ، وقد تقدم أن السنة ليست هى نفس العلم ، كما أن البدعة ليست هى نفس الجهل ، لكن ارتكاب الأولى بالعلم والثانية بالجهل ، فلما كان الإظلام من لازمه عدم الإبصار ، ومن لازم عدم الإبصار عدم تحقق الاهتداء للطريق ، ومن لازم ذلك عدم الأمن من لقاء مكروه ناسب تشبيهه بالبدعة والجهل الملزومين لعدم الأمن ، ولما كان النور بالعكس أى : من لازمه الإبصار الملزوم لتحرى المكاره ، وبذلك صار كالضد للظلمة ناسب تشبيهه بالسنة والعلم الملزومين لتوقى المكاره فتبين أن ما تقرر فى أحد الضدين من حيث إنه ضد وجه شبه مع شيء يتقرر خلافه فى ضده مع مقابل ذلك الشيء ، وقد جعل المصنف الأصل فى التشبيهين المذكورين هو تشبيه البدعة والجهل بالظلمة ، والفرع تشبيه السنة والعلم بالنور ، ولو