فيه ما يجب من النحو صح وصلح لفهم المراد ، وإن لم تراع ما يجب فيه فسد ، ولم يصلح لفهم المراد كما ينبغى ، بل يكون فهمه كفهم المعنى من غير العربية ، وليس فى هذا النحو المخصوص المراعى فى الكلام المخصوص جزئيات يمكن اعتبار بعضها دون بعض ، فيكون اعتبار الكثير منها مفسدا والقليل مصلحا ، بل تجب رعاية كل ما يتعلق به وما لا يتعلق به ليس بنحو. مثلا إذا قلنا : ما قام زيد ، فالواجب من النحو فى هذا الكلام أن يكون هكذا من تقديم الفعل وتأخير الفاعل ، وبناء ذلك الفعل الماضى على الفتح ، ورفع ذلك الفاعل ، وهذا القدر واجب ، ومتى سقط شيء منه فسد الكلام ، وإذا اعتبر صح ، فلا قلة تصلح ولا كثرة تفسد ، بل كله واجب مصلح ، وإسقاط شيء منه مفسد ، اللهم إلا أن يحمل الكلام على معنى أن رعاية الشواذ فيه هو المعنى بالكثرة كنصب الفاعل فى المثال ، وهو بعيد ؛ لأن رعاية الشواذ إسقاط لبعض الواجب ، فليست ثم كثرة زائدة على الواجب فافهم ، فتبين أن القلة والكثرة المعتبرة وجها لم توجد فى المشبه الذى هو النحو (بخلاف الملح) الذى هو المشبه به ، فإنه يقبل القلة والكثرة باعتبار ما يجعل فيه من الطعام بأن يجعل فيه المقدار الكافى ، فيصلح أو أقل أو أكثر فيفسد ، وعلى هذا يفسد جعل الوجه ما ذكر لعدم صحة وجوده فى أحد الوجهين ، وهو النحو ، وإن صح وجوده فى الآخر ، على أن القلة فى الملح ليست مصلحة للطعام دائما ، بل ربما كانت مفسدة ، فلا يتحقق صحة وجود الوجه حتى فى الطرف الآخر ، فإن أريد بالقلة المقدار الكافى وأريد بالكثرة التعدى لما سوى ذلك كان الواجب تحويل العبارة إلى ما يدل عليه فافهم ، وإذ فسد هذا الوجه وجب أن يجعل الوجه ما يعم الطرفين ، ويصح اعتباره فى الإفادة فيقال : وجه الشبه بين النحو والملح فيما ذكر الصلاح بإعمالهما والفساد بإهمالهما.
الوجه الداخل فى الطرفين والخارج عنهما
(وهو) أى : ووجه الشبه (إما غير خارج) أى إما أن يكون غير خارج (عن حقيقتهما) أى : عن حقيقة الطرفين ، أعنى المشبه والمشبه به وغير الخارج يشمل الداخل