أى : إلى جهة العلو ، وفى الثانى لصوب المركز ، أى : إلى السفل ، وأيضا السماء للأرض كالدائرة وهى فى جهة العلو ، والأرض كالمركز ، وهو بالنسبة إلى ما يظهر من السماء منخفض ، فإذا فرض الثقيل والخفيف بينهما اندفع الأول إلى الأرض التى هى كالمركز ، واندفع الثانى إلى السماء التى هى كالدائرة لو لا العائق فى كل منهما ، ولذلك عبروا بالمحيط والمركز (وما يتصل بها) ، أى : ما يلحق المذكورات فى كونه يدرك باللمس ، كالبلة وهى اتصال المائع بسطح الجسم ، فإن داخله فهو انتفاع ، وهذه فى الحقيقة ترجع إلى إدراكه المائعية فى سطح جسم ما ، والجفاف وهو عدم اتصال المائع بسطح غير مائع ، واللزوجة وهى من اللزج الذى هو اللزوم ، وهى كيفية تقتضى سهولة التشكل وعسر التفرق ، بل يمتد عند محاولة التفرق كبعض أنواع الصمغ الممضوغ وكالمصطكى ، والهشاشة تقابلها ، فهى كيفية تقتضى سهولة التفرق وعسر الاتصال بعد التفرق كالخبز اليابس المعجون بالسمن ، واللطافة وهى رقة القوام أى : الأجزاء المتصلة كالماء ، وقيل هى كون الشيء بحيث لا يحجب ما وراءه ، والكثافة ضدها وهى غلظ القوام أو حجب الجسم ما وراءه ، ولكن المعنى الثانى فيهما لا يناسب المس ، وتطلقان على معان أخرى وغير ذلك مما ذكر فى غير هذا المحل كاللذع الذى هو كيفية سارية فى الأجزاء يحس بها عند مس اللاذع توجب تفرقا موجعا ، فإذا أردت التشبيه بالكيفية المتعلقة بحاسة اللمس قلت مثلا فى الحرارة أو البرودة : هواء اليوم كالنار فى حرارته ، أو كالثلج فى برودته ، وفى الرطوبة أو اليبوسة : هذا الطعام كالزبد عند انفصاله عن اللبن فى رطوبته ، أو هذا الخبز كالحجر فى يبوسته وعلى هذا فقس وقد أطنبت قليلا فيما يتعلق بهذه الكيفيات على حسب ما فسرها به الشارح مما هو من تدقيقات الحكماء بعد تفسير بعضها بما هو أقرب إلى الفهم قصد الإيضاح وزيادة فى الفائدة ، وإن كان تفسيره كما قيل لا يناسب هذا الفن ولا يسهل على المتعلم ، بل يزيده حيرة ، ولكن حيث ارتكب ذلك وجب مجاراته مع زيادة ما يوضح الغرض من بيان اصطلاحهم إزالة للحيرة عن المتعلم ، قيل ولعل ذلك من الشارح صدر منه قصدا للافتخار باطلاعه على تدقيقات الحكماء. وأنا أقول : بل لعله لما كان معنى تلك الكيفيات فى متفاهم العرب