فتكون أقسام العقلي الاثنا عشر صحيحة ، وأما الأربعة الباقية أعني الواحد والذي بمنزلته إذا كانا حسيين والمتعدد إذا كان كله حسيا أو بعضه فلا يجري واحد منهما في غير الحسيين وإنما تجري هذه الأربعة في الطرفين الحسيين فقط لما تقدم أن الحسي طرفاه حسيان فهذه أربعة تضم إلى اثنى عشر التي للعقلي فتكون ستة عشر ، والباقي لتكميل الثمانية والعشرين ساقطة وهي اثنا عشر لتحصل أن الأقسام التي أشار المنصنف إلى إثباتها ستة عشر فشرع في التمثيل لبعض هذه الأقسام مع ما يتعلق بها فقال :
أمثلة الواحد الحسى
(الواحد الحسي) من وجه الشبه هو (كالحمرة) فيما مرّ من تشبيه الخد بالورد فإنها محسوسة بحاسة البصر ، (و) ك (الخفاء) أي : خفاء الصوت فيما مرّ من تشبيه الصوت الضعيف بالهمس فإنه محسوس بحاسة السمع ، ومما يتأمل فيه كون الخفاء مسموعا ، والذي يتبادر أن الخفاء من حيث إنه عدم الجهر لا يحس وإنما يدرك بالعقل عند سماع الصوت بحالته الخاصة به من الضعف ، لكن عبر به عن حالة الصوت الخفى لا من حيث مجرد الخفاء ، بل من حيث إنه حالة لا ينفك الصوت عن إدراكه (و) ك (لذة الطعم) فيما مر تشبيه الريق بالخمر فإنها مدركة بحاسة الذوق وفيه أيضا أن المدرك هو الطعم بحالته واللذة لكونها إدراكا عقلية كما مر ، ولكن عبر باللذة عن ملزومها وهو الطعم بحالته الخاصة من الحلاوة ، وعليه يراد بالطعم المضاف إليه الطعوم ، (و) ك (طيب الرائحة) فيما مر من تشبيه النكهة وهي ريح الفم بريح العنبر فإنه مدرك بحاسة الشم ، وفي جعل الطيب مدركا بالشم أيضا شيء فإن المدرك بالشم هو نفس الرائحة بحالتها الخاصة ، وأما الطيب فمدرك بالعقل ، ولكن إنما يظهر هذا إن فسر طيب الرائحة باستطابة النفس إياها في إدراكها للطيب من حيث هو طيب ، وإن فسر بالحالة الذاتية للرائحة التي بها تستطيبه النفس هو مدرك بالحاسة ؛ إذ إدراك الشيء يقتضي إدراك خاصته النفسية ، (و) ك (لين الملمس فيما مر) من تشبيه الجلد الناعم