طرفاه مركبان بهذا الاعتبار فلم يجر فيه التقسيم ، وإنما يجري في الوجه المركب الحسي كما تقدم ، فطرفاه إما مفردان أو مركبان ، أو المشبه مفرد والمشبه به مركب أو العكس ، فالمركب الحسي (فيما) أي : في التشبيه الذي
طرفا المركب الحسى المفردان
(طرفاه مفردان) معا (كما) أي : كالوجه (في قوله) أي : في قول أحيحة بن الجلاح ، أو قول قيس بن الأسلت (وقد لاح في الصبح الثريا كما ترى) (١) أي : حل كون الثريا على الحالة التي تراها فهي حينئذ (كعنقود ملاحية) بضم الميم وتشديد اللام وهي عنب أبيض في حبه طول وتخفيف اللام أكثر ، لكن ارتكب التشديد مع قلته لاستقامة الوزن ، ثم قيد المشبه به بقوله : (حين نورا) إشارة إلى أن المشابهة بين الثريا والعنقود إنما هي في حال التنوير ، أي : إخراج النور ، ويأتي الآن ما فيه ، فالثريا وعنقود الملاحية مفردان لأن كلا منهما اسم لمسمى واحد ، وإضافة العنقود إلى الملاحية تصيره مقيدا ، والتقييد لا ينافي الإفراد ، ولما كان كل منهما اسما لمسمى واحد صارت أجزاء كل منهما كاليد من زيد ، ولما كانت تلك الأجزاء لها وضع مخصوص ولون مخصوص ومقدار مخصوص وكل منها كالمستقل عن الآخر ؛ إذ هي أجرام مفترقة تأتي اعتبار هيئة مأخوذة من تلك الأجرام تكون وجه شبه فتأتي التركيب بهذا الاعتبار في الوجه ، ولو وجد الإفراد في الطرفين وإلى تلك الهيئة أشار بقوله : (من الهيئة) هو بيان لما في قوله كما في قوله : وقد لاح .. إلخ أي : كالوجه الذي هو الهيئة (الحاصلة) أي : المتحققة (من تقارن) أي : اجتماع (الصور البيض) ، وهي النجوم المتعددة في الثريا وأفراد النور المتعددة في العنقود (المستديرة) استدارة مصاحبة للتساهل في تحققها (الصغار المقادير في المرأى) أي : في مرأى العين باعتبار ما يبدو ، وإن كانت النجوم من الكبر بحيث يقال إنها أعظم من جميع الأرض بكثير ؛ إذ المعتبر في التشبيه ما يبدو لا في نفس الأمر إذ الخطاب بما يتبادر حال كون تلك الصور البيض المستديرة كائنة (على الكيفية
__________________
(١) البيت لأبى قيس بن الأسلت ، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص (١٨٠).