(٢٠٢) وإما مفصّل ، وهو ما ذكر فيه وجهه ؛ كقوله [من المجتث] :
وثغره فى صفاء |
وأدمعى كالّلآلي |
(٢٠٢) وقد يتسامح بذكر ما يستتبعه مكانه ؛ كقولهم للكلام الفصيح : «هو كالعسل فى الحلاوة» ؛ فإنّ الجامع فيه لازمها ، وهو ميل الطبع.
(٢٠٣) وأيضا : إما قريب مبتذل ، وهو ما ينتقل من المشبّه إلى المشبّه به من غير تدقيق نظر ؛ لظهور وجهه فى بادئ الرأي ؛ لكونه أمرا جمليّا ؛ فإنّ الجملة أسبق إلى النفس. أو قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبّه به فى الذهن : إما عند حضور المشبّه ؛ لقرب المناسبة ؛ كتشبيه الجرّة الصغيرة بالكوز ، فى المقدار والشكل. أو مطلقا ؛ لتكرّره على الحس ؛ كالشمس بالمرآة المجلوّة فى الاستدارة والاستنارة ؛ لمعارضة كلّ من القرب والتفصيل.
(٢١٠) وإما بعيد غريب ، وهو بخلافه ؛ لعدم الظهور : إما لكثرة التفصيل ؛ كقوله : والشمس كالمرآة ، أو ندور حضور المشبّه به : إمّا عند حضور المشبّه ؛ لبعد المناسبة ؛ كما مر. وإمّا مطلقا ؛ لكونه وهميّا ، أو مركبا خياليّا ، أو عقليّا ؛ كما مر. أو لقلّة تكرّره (١) على الحس ؛ كقوله : والشمس كالمرآة ؛ فالغرابة فيه من وجهين (٢).
(٢١٥) والمراد بالتفصيل : أن تنظر فى أكثر من وصف ، ويقع على وجوه ، أعرفها : أن تأخذ بعضا ، وتدع بعضا ؛ كما فى قوله (٣) [من الطويل] :
حملت ردينيّا كأنّ سنانه |
سنا لهب لم يختلط بدخان |
(٢١٧) وأن تعتبر الجميع ؛ كما مرّ من تشبيه الثريا. وكلّما كان التركيب من أمور أكثر ، كان التشبيه أبعد. والبليغ : ما كان من هذا الضّرب لغرابته ، ولأنّ نيل الشيء بعد طلبه ألذّ.
__________________
(١) أى المشبه به.
(٢) أحدهما كثرة التفصيل فى وجه الشبه ، والثانى قلة التكرر على الحس.
(٣) البيت لامرئ القيس وليس فى ديوانه ، الإشارات ص ١٩٦ ، ويروى (يتصل) بدلا من (يختلط). الردينى : الرمح منسوب لامرأة تسمى ردينة اشتهرت بصناعة الرماح.