بينها فيما يتخيل في الغلاب ، وأما تناسب طول النجوم مع طول السيوف أو العرض مع العرض فمبني على التساهل ؛ لأن الطول في النجوم أكثر منه في السيوف فيما يظهر ويكفي في التشبيه التناسب في الجملة (مفترقة) ضرورة أن لكل نجم مكانا ، ولكل سيف مكانا على حدة ، فعلى تقدير ورود الغير في ذلك المكان فبعد ذهاب الأول (في جنب) متعلق بهوى ، يعني أن هوى تلك الأجرام الكائنة على تلك الصفات إنما هو في جنب (شيء مظلم) ، هو الغبار في المشبه ، والليل في المشبه به ، فقد ظهر كون وجه الشبه مركبا ؛ لأن الهيئة المذكورة تعلقت بأشياء عديدة باعتبار الموصوفين والصفات كما ترى ، وكذا الطرفان مركبان أيضا لظهور أن ليس المراد تشبيه فرد في هذا الطرف بفرد مقابل في ذلك الطرف وإلا فاتت الدقة على ما نبينه ، ولم يلائم صنيع الشاعر ولا بلاغته كما تقدم ، وإنما المراد تشبيه مجموع هذا الطرف بمجموع ذلك الطرف أو تشبيه هيئة المجموع بهيئة المجموع ، وهما متقاربان كما تقدم ، فليس المراد تشبيه النقع بالليل والسيوف بالنجوم ، بل المراد كما أشرنا إليه تشبيه هيئة السيوف مع الغبار ، والحال أن السيوف في ذلك الجانب لها أحوال كثيرة راعاها الشاعر ، وبرعايتها مع كثرتها دق التشبيه وتقرر الوجه ، وتلك الأحوال هي أنها تعلو وترسب ، أي : تنخفض وتجيء عند ردها عن المضروب رفعا أو نزعا ، وتذهب عند إرسالها أو صبها عليه ، وتضطرب اضطرابا شديدا بمعنى أنها تتحرك بسرعة في ذلك العلو والرسوب والذهاب والمجيء إلى جهات مختلفة من العلو عند رفعها والسفل عند صبها واليمين والشمال والأمام والوراء عند قصد قطع أو وخز ما في تلك الجهات أو وقايته ، وعند تحركها في تلك الجهات تكون على أحوال تنقسم تلك الأحوال بين الاعوجاج ، أي : ترجع إلى الاعوجاج في ذهابها أو ردها لقصد إجرائها في مكان يوصل إلى الغرض فيكون في سلوكها له اعوجاج ، وإلى الاستقامة كذلك ، وإلى الارتفاع والانخفاض ذكر العلو والرسوب ، وإلى التلاقي مع مقابلها من الجهة الأخرى في استقامة أو اعوجاج في الذهاب للتلاقي ، وإلى التداخل عند تعاكس الحركتين بذهاب كل منهما إلى جهة ابتداء الأخرى ، وقد يكون التداخل نفس التلاقي ، وإلى التصادم والتلاحق ، والتصادم هو التلاقي ، وكذا التلاحق ،