العبارة أوضح من عبارة المصنف لقلة التسامح فيها ، المحوج إلى التأويل ؛ إذ لا تسامح فيها إلا في قوله : " تقع عليها الحركة" لإيهامه أن الهيئة متحققة في نفسها ووقعت عليها الحركة ، وقد علم أن الهيئة هي هيئة تقارن الحركة مع غيرها أو هيئة اختلاف الحركة ، والحركة مما تتعلق بها الهيئة فهي العارضة للحركة مع غيرها أو وحدها ، بل هي جزء ما اعتبرت فيه الهيئة ، فهي فيما يتبادر في الهيئة أي : في متعلقها لا عليها ، وقد تقدم بيانه فإن قلت فقوله أيضا ، ويكون ذلك على وجهين من باب كون الشيء على نفسه ، فيحوج إلى التأويل بكونه ككون الجنس على النوع فهو كقوله : " ويكون ما يجيء في تلك الهيئات على وجهين" قلت : لا شك أنه كهو ، لكن مجيء الجنس في النوع الذي اشتملت عليه العبارة الأولى ليس ككون الجنس على نوعين الذي اشتملت عليه الثانية كالأولى فإنه معهود في العبارات ، فكلام الأسرار أوضح فافهم ، ثم أشار إلى مثال الوجه الأول ، وهو أن يقترن بالحركة غيرها بقوله : وذلك (كما) أي كالوجه (في قوله والشمس) (١) عند طلوعها (كالمرآة في كف الأشل) والشلل يبس اليد أو الشق كله ، والمراد هنا الارتعاش ، وذلك أن الشمس إذا نظر الإنسان إليها فوق الأفق وأحد النظر إليها يجدها شديدة الاضطراب والتحرك وشكلها استدارة ، ثم يظهر شعاعها كأنه يفيض إلى جوانب الدائرة حتى إذا كاد أن يتعدى تلك الجوانب رجع إلى وسط الدائرة ، ففي جرم الشمس المستدير حركة خيالية ، وفي شعاعها أيضا حركة خيالية ، وإنما قلنا : " خيالية" للقطع بأن حركة الشمس ليست على الاضطراب ، بل هي من الجنوب إلى الشمال بالسوق المتمهل ؛ حتى إنها لو لا ذلك التخيل لرئيت كالثابتة والشعاع أجرام لطيفة مضيئة ، وهي المعبر عنها بالإشراق وهي منبسطة على ما يقابل الشمس ، وهذا هو المحقق في نفس الأمر فاضطراب التموج خيالي ، لكن التشبيه بالوجه الثابت بالتخيل صحيح كما تقدم ، ومثل هذا يبدو في المرآة في كف المرتعش إلا أن حركتها حقيقية وإشراقها متصل بها من شعاع الشمس لا يتحقق في الشعاع المتصل بها اضطراب إلى
__________________
(١) شطر البيت من أرجوزة لجبار بن جزء بن ضرار ابن أخى الشماخ ، وعجزه : لما رأيتها فوق الجبل. والبيت فى الأسرار ص (٢٠٧) ، والإشارات ص (١٨٠).