بالوقوع فى الإقعاء الوقوع الثانى ليكون سكونا لا الحصول الأول فيه وهو ابتداؤه فإنه حركة ، ولكن غير محتاج للتنبيه على هذا لأن الإقعاء عرفا هو ما كان معه التمكن لا الحصول الأول منه ، وإليها أشار بقوله : (من الهيئة الحاصلة) هو بيان لما فى قوله : كما أى : الوجه هو الهيئة الحاصلة (من موقع) أى : من وقوع (كل عضو) كائن (منه) أى : من الكلب موقعه الخاص (فى إقعائه) ؛ وإنما قال : كل عضو ، إشارة إلى أنه اعتبر كل عضو ولو غير مجلوس عليه من ظهر ورأس وغير ذلك ، وبذلك كثرت السكنات المقترنة ، فاعتبرت هيئة اقترانها الموجودة فى الجلوسين ، وقد يقال : الطرفان هما الكلب والبدوى فى حالة الإقعاء ، فيكون وجه الشبه هيئة السكون الذى اتصف به كل منهما. فالطرفان أما الجلوسان والوجه مجموع هيئة وقوع كل عضو موقعه الخاص ، فإن لكل عضو موقعا خاصا ، ولمجموع المواقع هيئة خاصة ، وهذه الهيئة صفة الجلوسين ، وأما الجالسان وصفة جلوسهما صفة لهما ، والخطب فى مثل ذلك سهل.
والثانى : أعنى : الهيئة التى يضاف إلى السكون فيها غيره من أوصاف الجسم كقول بعضهم يصف مصلوبا :
كأنه عاشق قد مد صفحته |
يوم الوداع إلى توديع مرتحل (١) |
فقد اعتبر هيئة سكون عنقه وصفحته فى حال امتدادها ، واعتبر مع ذلك للسكون صفة اصفرار الوجه بالموت ؛ لأن تلك الهيئة موجودة فى العاشق الماد عنقه وصفحته لوداع المعشوق ، ولما فرغ من أمثلة المركب الحسى أشار إلى مثال المركب العقلى كما قدمنا فقال :
المركب العقلى
(و) المركب (العقلى) الذى هو من جملة أنواع وجه الشبه أيضا (كحرمان الانتفاع بأبلغ نافع من تحمل التعب فى استصحابه) فإنه وجه شبه مركب عقلى (فى) التشبيه الكائن فى (قوله : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها)(٢)) أى :
__________________
(١) البيت للأخطل فى صفة مصلوب وهو فى شرح عقود الجمان (٢ / ١٧).
(٢) الجمعة : ٥.