المذكور مما يمكن أن تدعى استحالته ، احتج لمدعاه بأن ألحق حالته بحالة مسلمة الإمكان لوقوعها فشبه حالة الممدوح بتلك الحالة فتبين أن حالته ممكنة وهو المشبه ، والحالة التى هى المشبه هى ما أشار إليها بقوله : " فإن تفق الأنام إلخ" فهى كون الممدوح من أصل هو الأنام مع خروجه عنهم فصار جنسا آخر كما قدمنا والمشبه بها وهى الحالة المسلمة هى كون المسك من أصل هو الدم مع كونه صار شيئا آخر خارجا عن جنسه ، والوجه الجامع اللازم للحالتين وهو منشأ الغرابة فى الحالة الأولى قبل التفطن للثانية كون الشيء من أصل وكونه مباينا له بذاته لكماله ، فهذا تشبيه من باب تشبيه مركب بمركب كما رأيت ، ولما كان هذا الوجه مستفادا مما أشير إليه من الطرفين كان فى ذلك إشعار بالوجه المشعر بالتشبيه بين الحالتين المربوطة إحداهما بالأخرى ، وإنما قال المصنف بيان إمكانه ولم يقل بيان وقوعه مع أن الملحق به واقع للإشارة إلى أن الحالة المدعاة أمر غريب أعظم فى النفوس من أن يدعى عدم وقوعه ، بل الأليق به أن ينفى إمكانه فبين بالوقوع المستلزم للإمكان ، وأشار بذكر إثبات كون المسك من دم الغزال دون أن يقول وقد فاق أصله الذى يتم به الاستدلال بذكر مجموع المشبه به إلى أن الذى ينبغى أن يقع النزاع فيه بالنسبة للمستدل عليه هو كونه من الأنام بأن ينظر هل هو منهم أم لا ؛ وأنه هو الذى ينبغى أن يشك فيه ، وأما كونه خارجا عن جنس الأنام فأمر معلوم لا ينبغى التعرض لما يناسبه فى المستدل به ، وفى هذا الاعتبار من المبالغة والدقة ما لا يخفى ، وقد علم بما بسطناه أن الذى بين إمكانه هو وجه الشبه ليتوصل به إلى إمكان المشبه ، فليفهم.
بيان حال المشبه
(أو) بيان (حاله) فهو معطوف على إمكانه لا على بيان ؛ ولذلك قدرنا قبله بيان ومعنى بيان حال المشبه أن يبين الوصف الذى هو عليه للجهل به عند السامع من لون أو غيره بأن يقرر بذلك التشبيه أى حالة وصفة كان عليها المشبه عند سؤال المخاطب ذلك بلفظه أو بحاله ، وذلك (كما) أى : كالبيان الكائن (فى تشبيه ثوب) مجهول اللون (بآخر فى السواد) ، فإذا علم السامع لون الثوب الحاضر مثلا وهو المشبه به