ما قررنا لم يلزم كون المشبه به ، وهو المقلة ، أشهر بالوجه وهو السواد ، ولا أقوى ، فإن وجه الحبشى أشهر منه وأقوى ، وإذا قصد الإلحاق فى السواد الخاص وهو المقارن للصفاء والاستدارة ليكون الزين حقيقيا كان المشبه به أعرف من المشبه ، فالمصنف راعى الاعتبار الأول ، ولذلك لم يدخله فى الأغراض التى تقتضى أن يكون الوجه أعرف ، ومن راعى الاعتبار الثانى أمكنه إدخاله فيه ، تأمل.
تشيين المشبه فى نفس السامع
(أو تشيينه) هو معطوف على ما عطف عليه تزيينه وهو بيان ، والمراد بالتشيين : إيقاع شين المشبه ، أى : قبحه فى ذهن السامع لتنفيره عنه بإلحاقه بذى صورة اقترنت بقبح فيه فيتخيل شين المشبه ، حيث ألحق بما تحقق فيه الشين ، وذلك (كما) ، أى : كتشيين المشبه الكائن (فى تشبيه وجه مجدور) ، أى : مصاب بالجدرى ، وهو حب يخرج فى الإنسان أو فى غيره يمرضه ويبرأ غالبا على حفر يتركها فى الوجه أو فى البدن (بسلحة) أى : عذرة (جامدة) أى يابسة (قد نقرتها الديكة) فى حال رطوبتها ، والديكة بكسر الدال جمع ديك بكسرها أيضا ، كقرد وقردة ، وإنما وصفها بالجمود لتحقق الشبه بلزوم تلك الحفر وتقررها كما فى الوجه المجدور ، فالمشبه به هنا وهو السلحة قام به وجه الشبه وهو الهيئة من شكل الحفر وما أحاط بها ، فإن قصد ههنا أيضا مجرد الهيئة المقترنة فى المشبه به بغاية الاستقذار وقبح الرائحة ليتخيل قبح الوجه المجدور ولو كان معه حسن باستقامة رسومه وأعضائه حيث ألحق بالمستقبح لم يقتض كون المشبه به أعرف ، فإن تلك الهيئة فى الوجه أكثر دورانا وأكثر شهودا ، وإن روعيت تلك الهيئة مع ما أوجب القبح من اللون القبيح وفوات استقامة السطح فى الطرفين الموجب للقبح وغيره من موجبات القبح كالحروشة فهى فى المشبه به أعرف ، فالمصنف راعى أيضا هنا الاعتبار الأول ، فلم يعد التشيين مما يقتضى الأعرفية فى الوجه ، ومن راعى الثانى أمكنه خرطه فى سلك ما يقتضى الأعرفية ، وقد تبين بهذا البسط أن التزيين والتشيين منشؤهما أيضا إما وجه الشبه أو هو وما يلازمه فنفس الوصف من حيث إنه موجود فى الطرفين وجه شبه والتزيين أو التشيين به غرض فلا تداخل أيضا هنا كما تقدم.