استطراف المشبه
(أو استطرافه) هو بالرفع أيضا معطوف على ما عطف عليه تزيينه وهو بيان أى الغرض ، إما بيان ما تقدم وإما التقرير وإما التزيين وإما التشيين وإما استطراف المشبه ، وهو بالطاء المهملة من استطرفت الشيء اتخذته طريفا أى جديدا ، والمال الطريف هو المقابل للقديم ، وذلك أن لكل جديد لذة ، فالمراد جعل المشبه مستحسنا لكونه أظهر فى وصف أمر غريب مستحدث لا يعهد على ما يأتى فى المثال ، ويحتمل أن يكون بالظاء المشالة ، فالمراد باستظرافه جعله ظريفا أى : جميلا حسنا بالوجه المذكور ، وذلك (كما) أى : كالاستطراف الكائن فى المشبه (فى تشبيه فحم فيه جمر موقد) أى : سرت النار فيه سريانا يتوهم فيه الاضطراب كاضطراب الموج (ببحر من مسك موجه الذهب) وإنما استطرف المشبه فى هذا التشبيه (لإبرازه) ، أى : لإظهار المشبه (فى صورة الممتنع) ، وذلك أن المشبه به وهو البحر من المسك الذائب وأمواجه الذهب الذائب ممتنع عادة ، وإن أمكن عقلا ، وقد أبرز المشبه فى صورته أى : فى وصفه حيث ألحقه به ، ولا شك أن إبراز الشيء المبتذل فى صورة الممنوع بتخييل أنه كهو يوجب غاية الاستطراف ، وإنما كان كذلك ؛ لأن الفحم تتخيل فيه صورة المسك ولو لم يكن ذائبا ، والجمر ولو لم يكن ذائبا تتخيل فيه صورة الذهب الذائب المتموج فصار مجموع صورة الفحم والجمر باعتبار مقدار كل منهما وتلونه يتخيل فيه مجموع صورة البحر من المسك وصورة ذهب هو موجه ، وإنما قلنا : المسك الذائب والذهب الذائب ؛ لأن البحر لا يتصور فى صورة الجامد ، ووجه الشبه هو الهيئة الحاصلة ، من وجود شيء مضطرب مائل للحمرة فى وسط شيء أسود ، ومما ازداد به استطراف المشبه هنا كونه شيئا تافها محتقرا أظهر فى صورة أى : فى وصف شيء رفيع لا تصل إليه الأثمان ، وهذا الاستطراف لما كان وجه الشبه فيه هيئة اعتبرت فى الممتنع عادة لم يقتض كون الوجه أظهر وأعرف ؛ لأن هذه الهيئة فى المشبه أعرف ؛ إذ هو بنفسه أظهر وأقرب إدراكا من المشبه به ، ولكن لما كان المشبه به أخفى ومعلوم أنه يلزم من خفائه خفاء وصفه كان التشبيه