الاشتعال فيه نادر باعتبار وقود آخر ، فبينهما غاية البعد ، فعند حضور البنفسج يبعد حضور النار المذكورة ، فإحضارها معها غاية فى الندور ، ولو لم يمتنع وجودها كما فى بحر المسك موجه الذهب ، فثبت الاستطراف فى التشبيه حيث حقق فيه العناق بين صورتين بينهما غاية المباعدة مع تشابههما هيئة ، والعناق بكسر العين من عانق عناقا ومعانقة كقاتل قتالا ومقاتلة ، وسبب الاستطراف فى المشبه إظهاره فى صورة أى : فى وصف النادر وإن كان ندوره مقيدا بوجود المشبه ، والنادر يستغرب ويستطرف كما تقدم ، ولك أن تقول : المستطرف حينئذ فى الحقيقة هو القران بين صورتين متباعدتين لا المشبه ، اللهم إلا أن يقال لما تعلق بالمشبه كالمشبه به نسب إليه ، تأمل.
غرض التشبيه بعوده إلى المشبه به
ثم لما ذكر أن الغرض يعود إلى المشبه فى الأغلب أشار إلى أن الغرض قد يعود إلى المشبه به ، ونعنى به مدخول الكاف ونحوها ، سواء كان مشبها فى نفس الأمر أو مشبها به فقال : (وقد يعود) الغرض من التشبيه (إلى المشبه) لفظا ، وإن كان مشبها معنى كما فى الضرب الأول من الضربين المشار إليهما بقوله : (وهو) أى : الغرض العائد إلى المشبه به (ضربان : أحدهما) أى : أحد الضربين.
إيهام أن المشبه به أتم من المشبه فى وجه الشبه
(إيهام) أى : أن يوقع المتكلم فى وهم السامع (أنه) أى : أن المشبه به لفظا (أتم) فى وجه الشبه (من المشبه) لفظا ، وإن كان مشبها به معنى ، (وذلك) الإيهام الذى هو الغرض إنما يوجد (فى التشبيه المقلوب) ، وهو الذى يجعل فيه المشبه الذى هو الناقص بالأصالة مشبها به ، ويجعل فيه المشبه به الذى هو الكامل بالأصالة مشبها ، وإذا جعل كذلك صار بمقتضى أصل تركيب التشبيه الناقص كاملا وهو المشبه به لفظا والكامل ناقصا وهو المشبه لفظا وذلك (كقوله) أى : محمد بن وهيب (وبدا) (١) أى : ظهر (الصباح) يحتمل أن يراد به الضياء التام عند الإسفار ، ويحتمل أن يراد به ما كان قبل
__________________
(١) البيت لمحمد بن وهب الحميرى فى مدح الخليفة المأمون الإشارات ص (١٩١) ، والطيبى فى شرح المشكاة (١ / ١٠٨) بتحقيق د. عبد الحميد هنداوى.