الاستعارة
(٢٦٩) والاستعارة قد تقيد بالتحقيقيّة ؛ لتحقق معناها (١) حسّا أو عقلا ؛ كقوله [من الطويل] :
لدى أسد شاكى السّلاح مقذّف (٢)
أى : رجل شجاع ، وقوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(٣) أى : الدّين الحقّ.
(٢٨٠) ودليل أنها مجاز لغوىّ : كونها موضوعة للمشبّه به ، لا للمشبّه ، ولا للأعمّ منهما.
وقيل : إنها مجاز عقلى بمعنى : أن التصرّف فى أمر عقلىّ لا لغوى ؛ لأنها لما لم تطلق على المشبّه ، إلا بعد ادّعاء دخوله فى جنس المشبّه به. كان استعمالها فيما وضعت له ؛ ولهذا صحّ التعجّب فى قوله (٤) [من الكامل] :
قامت تظلّلنى من الشّمس |
نفس أعزّ علىّ من نفسي |
|
قامت تظلّلنى ومن عجب |
شمس تظلّلنى من الشّمس |
والنهى عنه قوله [من المنسرح] :
لا تعجبوا من بلى غلالته |
قد زرّ أزراره على القمر (٥) |
وردّ : بأن الادعاء لا يقتضى كونها مستعملة فيما وضعت له ، وأمّا التعجّب ، والنهى عنه : فللبناء على تناسى التشبيه ؛ قضاء لحقّ المبالغة.
__________________
(١) أى المشبه.
(٢) لزهير فى ديوانه ص ٢٣ ، من معلقته المشهورة التى يمتدح فيها الحارث بن عوف ، وهرم بن سنان وتمام البيت : له لبد أظفاره لم تقلم وفى المصباح ١٣٧ ، والطراز ١ / ٢٣٢.
(٣) الفاتحة : ٥.
(٤) البيتان لابن العميد ، نهاية الإيجاز ص ٢٥٢ ، والطراز ١ / ٢٠٣ ، والمصباح ص ١٢٩.
(٥) البيت لابن طباطبا العلوى ، وهو أبو الحسن محمد بن أحمد ، الطراز ٢ / ٢٠٣ ، نهاية الإيجاز ص ٢٥٣ ، والمصباح ص ١٢٩.