التعبير عن الشيء بما يستلزمه ويعتبر فيه ، فعلى هذا الإيراد أن يقال عدم الفائدة هو الوجه ، وقد جعل قيدا ، ولو صح كون الطرف مقيدا باعتبار الوجه لم يوجد طرف مفرد غير مقيدا ، فليفهم.
(أو) هما أى : المفردان (مختلفان) فى التقييد وعدمه ، وذلك بأن يكون أحدهما مقيدا ، والآخر غير مقيد وغير المقيد منهما حينئذ إما أن يكون هو المشبه والمقيد هو المشبه به (كقوله) كما تقدم (والشمس كالمرآة) (١) فى كف الأشل فإن الشمس وهو المشبه لا تقييد فيها وما اعتبر معها من الحركة والشكل ، وتموج الإشراق على الوجه السابق إنما ذلك فى الوجه وتقييدها بزمن الطلوع وقرب الغروب طردى ؛ لأن التشبيه صحيح فيها دون ذلك الاعتبار والمرآة وهو المشبه بها مقيدة بكونها فى كف الأشل ، إذ الهيئة الحاصلة من الاستدارة والحركة وتموج الإشراق على الوجه السابق التى هى الوجه لا تتحقق إلا باعتبار قيد كونها فى كف المرتعش وما يتوقف عليه قيد ، والتوقف هنا ضرورى ، إذ المرآة فى كف الثابت اليد لا يتصور فيها ما ذكر ، وإما أن يكون ، أعنى غير المقيد هو المشبه به ، والمقيد هو المشبه وهو العكس المشار إليه بقوله : (وعكسه) أى : أن يشبه المقيد بغيره كما لو قيل المرآة فى كف الأشل كالشمس عند قصد التشبيه المقلوب مثلا وقد بينا أن المرآة مقيدة والشمس غير مقيدة ، وذلك واضح.
الثانى : تشبيه مركب بمركب
(وإما تشبيه مركب بمركب) هو معطوف على قوله : إما مفرد بمفرد ، يعنى أن التشبيه إما مفرد بمفرد وهو ثلاثة أقسام كما تقدم وإما تشبيه مركب بمركب وقد تقدم أن المركب هو الهيئة الحاصلة من أشياء تضامت وتلاصقت فى اعتبار المتكلم حتى صارت شيئا واحدا بحيث إذا انتزع الوجه من بعضهما اختل التشبيه فى قصد المتكلم وهو ـ أعنى تشبيه المركب بالمركب ـ ثلاثة أقسام ما لا يظهر فيه لكل جزء من الأجزاء المنضمة نظير يصح تشبيهه به فى المقابل إلا بتكلف ، بل يراد المجموع وهيئته من غير
__________________
(١) البيت من أرجوزة لجبار بن جزء بن ضرار بن الشماخ ، وعجزه : لما رأيتها فوق الجبل. والبيت فى الأسرار ص (٢٠٧) ، والإشارات ص (١٨٠).