وكأن أجرام النجوم لوامعا |
درر نثرن على بساط أزرق (١) |
فإن مقابل النجوم من الطرف الآخر هو الدر ، ومقابل السماء المفهومة من ذكر النجوم بساط أزرق ، وذلك ظاهر ، ويصح التشبيه فى كل منهما على الانفراد بأن يقال : النجوم كالدرر ، والسماء كبساط أزرق ، ولكن يفوت الحسن الذى اقتضاه التركيب المقصود للشاعر فإن إلحاق هيئة ظهور النجوم على السماء الأزرق بهيئة الدرر على البساط الأزرق أحسن وأرق ذوقا من إلحاق النجوم المجردة بالدرر والسماء بالبساط على انفراد كل بصاحبه عند قصد تعدد التشبيه ، والذوق السليم شاهد بذلك ، ومما ظهر فيه المقابل ، لكن قصدت فيه الهيئة ، لأنها أرق ، ولأن فيه مانعا من التجريد كما قدمناه ما أشار إليه المصنف بقوله : (كما فى بيت بشار) أى : كالتشبيه الكائن فى بيت بشار السابق وهو قوله :
كأن مثار النقع فوق رءوسنا |
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه (٢) |
فإنه شبه هيئة السيوف المسلولة المقاتل بها مع الغبار المثار فوق رءوسهم بهيئة النجوم مع الكواكب ، والمقابل للسيوف هنا الكواكب ، والمقابل للغبار الليل ، ولكن المقصود الهيئة فإن قوله : تهاوى كواكبه ساقه مساق الوصف لليل فلا يستقل فى التشبيه كما تقدم مع أن فى اعتبار الهيئة الاجتماعية من الحسن ما لا يوجد فى التجريد ، وقد تقدم بيان ذلك وسبق هنالك تحقيقه فليراجع.
الثالث : تشبيه مفرد بمركب
(وإما تشبيه مفرد بمركب) هو معطوف على ما عطف عليه ما قبله ، أى : التشبيه إما مفرد بمفرد بأقسامه وإما مركب بمركب وإما مفرد بمركب ، وأريد بالمفرد هنا ما يقابل المركب الشامل للمقيد لا ما يقابل المقيد لما تقدم أن المصنف أدخل المقيد فى المفرد وتشبيه المفرد بالمركب (كما مر من تشبيه الشقيق) الذى هو مفرد لعدم
__________________
(١) البيت لأبى طالب الرقى فى شرح عقود الجمان ص (٢ / ٢٤) ، والإيضاح ص (٢٢٨).
(٢) البيت لبشار بن برد فى ديوانه (١ / ٣١٨) ، والمصباح (١٠٦) ويروى" رؤوسهم" بدل" رؤوسنا" تهاوى : تتساقط. خفف بحذف إحدى التاءين.