واللون والشكل ، وقد ظهر أن العناب للرطب والحشف للبالى ؛ فالأول للأول والثانى للثانى ، وهذا معنى اللف والنشر المرتب ولو عكس سمى ملفوفا أيضا لوجود اللف فيه ، وإنما جزم بكون هذا التشبيه من المتعدد ، لأنه ليس لوجود الرطب واليابس هيئة يعتد بها ويستحسنها الذوق أو يستطرفها السامع وإن اجتمعا فى الوكر حتى يكون من المركب ؛ وإنما الفضيلة فى اختصار ما تعلق به هذا التشبيه المتعدد وترتيبه ، ولا فضيلة له باعتبار الهيئة لانتفاء حسنها فلم تعتبر ، وقولنا : " وإن اجتمعا فى الوكر" إشارة إلى أن المتعدد وإن اجتمع أطرافه فى شيء لا يقتضى ذلك كون التشبيه تركيبا ؛ إذ لو أوجب الاجتماع تركيبا لم يوجد متعدد ضرورة أنه لا بد من الاجتماع فيه ولو فى إرادة سوقه فى مجموع لفظ منطوق به فى آن واحد ليفيد ما فيه للسامع دفعة واحدة ؛ تأمل.
(أو مفروق) أى : إذا تعدد الطرفان معا فإما أن يكون التشبيه فى ذلك ملفوفا أو يكون مفروقا ، بمعنى أنه يسمى بذلك أما تسمية الأول بالملفوف فلأنه لف أى : جمع فيه المشبهات فى جهة ثم المشبه به فى أخرى ، وأما تسمية الثانى بالمفروق فلأنه هو الذى يؤتى فيه مع كل مشبه بمقابله من غير أن يتصل أحد المشبهين بالآخر ، بل يفرق بين المشبهين بالمشبه به فيؤتى بالمشبه ثم المشبه به ثم بمشبه آخر مع مشبه به آخر ثم كذلك (كقوله) أى : المرقش الأكبر فى وصف نساء (النشر) (١) منهن (مسك) أى : الرائحة الطيبة منهن كرائحة المسك فى الاستطابة ، ويحتمل أن يريد بالنشر الشعر المنشور الطيب فيكون تشبيهه بالمسك فى الرائحة الطيبة ولون السواد (والوجوه) منهن (دنانير) أى : كالدنانير من الذهب فى الاستدارة والاستنارة مع مخالطة الصفرة ؛ لأن الصفرة مما يستحسن فى ألوان النساء (وأطراف) أى : أصابع (الأكف عنم) ، والعنم شجر لين الأغصان محمر تشبه بأغصانه أصابع الجوارى المخضبة ، فقد شبه النشر بالمسك والوجوه بالدنانير وأصابع الأكف بالعنم ، جاعلا كل مشبه مع مقابله ، فافترقت المشبهات ، ولذلك سمى مفروقا كما تقدم ، ثم أشار إلى ما إذا تعدد أحد الطرفين دون الآخر بقوله :
__________________
(١) البيت للمرقش الأكبر ربيعة بن سعد بن مالك والبيت فى الإشارات ص (١٨٢) ، والأسرار ص (١٢٣) ، وعقود الجمان (٢ / ٢٦).