إن تعدد طرفه الأول فتشبيه التسوية
(وإن تعدد طرفه) أى طرف التشبيه (الأول) وأراد بالطرف الأول المشبه ؛ لأنه هو المقدم فى التركيب ، ولو كان المشبه به مقدما فى الأعرفية كما تقدم ، يعنى إذا تقدم المشبه دون المشبه به (ف) ذلك التشبيه الذى وجد فيه هذا التعدد هو (تشبيه التسوية) أى : يسمى بذلك لوجود التسوية فيه بين المشبهين فيما ألحقا به وهو المشبه به مع تساويهما فى الوجه أيضا ، وذلك (كقوله صدغ الحبيب) (١) أى : الشعر البادى من رأسه فيما بين الأذن والعين وهو المسمى بالصدغ (وحالى كلاهما) أى : كل منهما (كالليالى) وبعده :
وثغره فى صفاء |
وأدمعى كاللآلى |
ففى البيت الأول شبه شعر الصدغ بالليالى وشبه حاله بها ، فقد تعدد المشبه وهو الصدغ وحاله ، واتحد المشبه به وهو الليالى ، وإنما قلنا باتحاده ؛ لأن المراد بالتعدد هنا وجود معنيين مختلفى المفهوم والمصدوق لا وجود أجزاء للشيء مع تساويهما كما فى الليالى فسوى بين المشبهين فى إلحاقهما بالليالى فى الاسوداد إلا أن السواد فى حاله تخييلى لا حقيقى ، ويحتمل مع ذلك أن يراد فى الوجه اقتضاء كل منهما التفريق بين الأحبة كما هو اقتضاء الليالى بناء منه على أن حاله موسومة بشؤم اقتضائها البعد عن الحبيب وصدغ الحبيب من تيه صاحبه يقتضى المجانبة ، وشبه فى البيت الثانى ثغر الحبيب أى : فمه يعنى الأسنان ودموعه باللآلى ، أى : الدرر فى القدر والصفاء والإشراق ، وإنما كان التشبيه من المتعدد لصحة المعنى بإلحاق كل من المشبهين وحده بالمشبه به فى هذا الوجه ، وليس لاجتماع المشبهين هنا أيضا هيئة تعتبر فى الاستحسان حتى يكون من المركب ، وإنما الفضيلة فى الاختصار والجمع فى شيء واحد مع تباينهما.
وإن تعدد طرفه الثانى فتشبيه الجمع
(وإن تعدد طرفه الثانى) وهو المشبه به دون الأول الذى هو المشبه كما تقدم (ف) ذلك التشبيه الذى تعدد طرفه الثانى هو (تشبيه الجمع) أى : يسمى بذلك لوجود
__________________
(١) البيت بلا نسبة فى عقود الجمان (٢ / ٢٦) ، وبلا نسبة فى الإيضاح بتحقيق د. عبد الحميد هنداوى ص (٢٢٩).