الأذهان والأوهام ، والهيئة فى المركب من حيث إنها هيئة اعتبارية محضة ، كما يؤخذ مما حررنا فيما مضى ، فيجب أن يراد بكونها حسية هنا تعلقها بالمحسوس كهى فى بيت بشار ـ كما أشرنا إليه فيما تقدم ، ويراد بالوهمى هنا ما تعلق بمعقول مطلقا لا ما تعلق بالاعتبارات المحضة ؛ لأن ما مثلوا به للوهمى ليس كذلك كما لا يخفى ، ولذلك فسرنا الحقيقى بالحسى هنا ، وقد تقدم التمثيل بهذا الوجه ، أعنى حرمان الانتفاع بأبلغ نافع إلى آخره للعقلى ، فعلى تقييد السكاكى لا يكون من التمثيل تشبيه الثريا بالعنقود بناء على دخوله فى كلام المصنف ، كما لا يدخل فيه بيت بشار ، فقول المصنف :
التشبيه غير التمثيلى
(وإما غير تمثيلى وهو بخلافه) يكون معناه بالنسبة إلى مذهب الجمهور أن غير التمثيل هو ما كان بخلافه ، بأن لا يكون منتزعا من متعدد ، بل مفرد محض فلا يخرج عنه إلا نحو تشبيه العلم بالنور ، والخد بالورد ، ويكون معناه بالنسبة إلى مذهب السكاكى وغير التمثيل هو ما كان بخلافه ، بأن لا ينتزع من متعدد كالمثالين ، أو من متعدد لكنه حسى كما فى بيت بشار ، وقد ظهر بذلك أن التمثيل عند الجمهور أعم مطلقا منه عند السكاكى ، ثم أشار إلى التقسيم الثانى فى التشبيه بالنسبة إلى الوجه ، فقال : (و) نعود (أيضا) إلى تقسيم آخر باعتبار الوجه ، فنقول التشبيه باعتباره أيضا :
التشبيه المجمل
(إما مجمل و) ليس المراد بالمجمل هنا ما يحتمل شيئين أو أشياء على التساوى ، بل المراد (هو ما) أى : التشبيه الذى (لم يذكر وجهه) فهو من الإجمال ، الذى هو عدم ذكر الشيء صريحا ولو فهم معنى ، ثم هذا المجمل أقسام ، (فمنه) أى : فمن ذلك المجمل (ظاهر) أى : ما هو ظاهر الوجه ، فنسب الظهور إليه تجوزا ؛ لأن هذا التقسيم باعتبار الوجه الملابس له ، ويحتمل أن يكون وصفا للوجه على الأصل أى : فمن الوجه الذى لم يذكر وباعتبار عدم ذكره يسمى التشبيه مجملا ما هو ظاهر (يفهمه كل أحد) ممن له دخل فى استعمال التشبيه ، سواء كان عاما فى المستعملين ، أو خاصا ، وذلك (مثل) قول القائل : (زيد كالأسد) ، فإن كل أحد ممن يفهم معنى هذا الكلام يدرك أن وجه الشبه