المتضمن لوجه الشبه ؛ لأن الوجه يجب أن يكون فى الطرفين معا ، والتناسب فى الشرف مختص بالمشبه ، والتناسب فى الأجزاء مختص بالمشبه به ، ولكن تضمن وصف كل منهما التناسب المانع من وجود التفاوت ، وهو محقق فى الطرفين ، وهو الوجه المشترك ، ولا يخفى على ذى ذوق سليم أن الانتقال من تناسبهم فى الشرف إلى تناسب أجزاء الحلقة غاية فى الدقة ، فالوجه بين الطرفين لا يدركه إلا الخواص ، ثم أشار إلى تقسيم آخر فى المجمل ، فقال : (ومنه) أى : ومن المجمل ما فيه تقسيم آخر باعتبار وجود الوصف المشعر بالوجه وعدمه ، وفيه أربعة أقسام ما يوجد فيه الوصف فى الطرفين ، وما لا يوجد فيه فيهما ، وما يوجد فيه فى الأول دون الثانى والعكس ، فجملة قوله : " ومنه إلخ" معطوفة على جملة قوله : " ومنه ظاهر" ، وإنما لم يقل : وأيضا إما كذا ، وإما كذا ؛ للإشارة إلى زيادة تأكيد فى بيان أن هذا تقسيم فى المجمل لا تقسيم فى مطلق التشبيه ، وإنما قلنا : إلى زيادة تأكيد فى بيان إلخ ؛ لأنه يعلم كون التقسيم فى المجمل بالنظر إلى المعنى أيضا ؛ إذ المقابل للمجمل هو المفصل ، فتغيير أسلوب أصل التقسيم لا يتوقف عليه فهم المراد ولكن يزيد وضوحا ، فمن هذا القسم الذى قلنا : إن فيه أربعة أقسام (ما لم يذكر فيه) أى : التشبيه الذى لم يذكر فيه (وصف أحد الطرفين) وذلك بأن يؤتى فيه بالطرفين مجردين عن الوصف الدال على الوجه ، كما كانا مجردين عن نفس ذكر الوجه ، وليس المراد الوصف مطلقا بل الوصف الدال على الوجه ـ كما قلنا ـ فإذا قلنا : " زيد الفاضل كالأسد" كان مما لم يذكر فيه الوصف ؛ لأن الفاضل لا يشعر بالوجه الذى هو الجراءة وإن كان وصفا لأحد الطرفين.
(ومنه) أى : ومن هذا القسم من المجمل (ما ذكر فيه وصف المشبه به وحده) دون وصف المشبه ، وقد تقدم الآن أن الوصف المراد هنا هو الوصف المشعر بوجه الشبه لا مطلق الوصف ، ومثال التشبيه الذى فيه وصف المشبه به فقط قول القائل : هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها ، فقوله : لا يدرى أين طرفاها مضمونه وصف المشبه به ، وهو نفى دراية الطرفين الملتقيين ، وهو يستلزم التناسب المانع من تمييز يصح معه التفاوت الذى هو وجه الشبه ـ كما تقدم بيانه ـ وأما وصفها بالفراغ فلتحقيق ما