معروفا عند المخاطب ، وذلك (فى بيان الإمكان) أى : فى الغرض الذى هو بيان إمكان المشبه ، وقد تقدم أن بيان إمكانه ببيان وجود الوجه فيه ؛ لأن ما يتوهم من الاستحالة أصلها ما يبدو من كون الوجه محالا فبانتفائه ينتفى المشبه ، وذلك كقوله فيما تقدم :
فإن تفق الأنام وأنت منهم |
فإن المسك بعض دم الغزال (١) |
فإن حاصله أن المشبه هو فى أصله من الناس ، وهو خارج عن جنسهم ، وهو فى ذلك كالمسك فى كونه من الدم وهو جنس آخر لا مناسبة بينه وبين الدم ، فإن ثبوت الوجه فى المسك وهو كون الشيء من أصل لا مناسبة بينه وبين ذلك الأصل مسلم فى المسك فتنتفى الاستحالة فى المشبه ؛ لأن وجوده على تلك الحالة إنما تتوهم استحالته من توهم استحالة الوجه فيه ، وهو كون الشيء من أصل مع كونه جنسا آخر خارجا عنه ، وقد تقدم تحقيق ذلك ، فلو قيل فى بيان الإمكان مثلا أنت فى كونك من الأنام مع خروجك عن جنسهم كزيد فى كونه كذلك بطل إفادة الغرض لعدم تسليم الحكم الذى هو وجود الوجه فى زيد ، فيكون غير مقبول.
المردود
(أو مردود) هو معطوف على قوله : إما مقبول أى : التشبيه إما مقبول وهو المفيد للغرض المطلوب كما ينبغى ، وإما مردود (وهو) أى : المردود (بخلافه) أى : على خلاف المقبول ، فهو ما يكون قاصرا عن إفادة الغرض وذلك بأن لا يكون على شرط القبول الذى هو إفادة الغرض المطلوب بتمامه وقد تقدمت الآن أمثلته كالمقبول ، ولا يخفى أن انقسام التشبيه إلى المقبول والمردود يدرك بأدنى تنبه مما تقدم من بيان الغرض ؛ لأنه إذا علم الغرض علم أن الوافى به مقبول وغيره مردود ، ولكن ذكره استيفاء للتقسيم وتكميلا له.
__________________
(١) البيت للمتنبى فى قصيدة يرثى فيها والدة سيف الدولة ديوانه (٣ / ١٥١) ، والإشارات ص (١٨٧) ، وعقود الجمان (٢ / ٢٠).