بالباء (١) ، وقد علق به فيما وضعت له وهو مجرور بالباء لزم تعلق حرفين لمعنى واحد بمتعلق واحد ؛ وهو ممنوع وأجيب عن هذا بأنه إنما يمتنع إن لم يعتبر تخصيصه بالمتعلق الأول بأن يعتبر عمومه بالنسبة للمتعلقين ، وأما إن اعتبر خصوصه بالأول فيكون الأول متعلقا به وهو عام فخصصه ، ويتعلق به الثاني بعد خصوصه فتختلف جهة التعلق جاز ؛ كما قيل في قوله تعالى : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً)(٢) فإن من ثمرة تعلق به بعد تخصيصه بكونه من الجنة ، ومن الجنة متعلق به وهو عام ؛ وعلى هذا يكون التقدير هنا : الحقيقة : هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له ؛ وهذا المقيد باستعماله فيما وضع له استعمل في اصطلاح التخاطب ، فيرد إلى الصحة بأن يراد بالاصطلاح عليه عند المخاطب بكلامه ، أو تجعل في للسببية ؛ أي : استعملت في موضوع لها ؛ وذلك الاستعمال بسبب رعاية اصطلاح لهذا المخاطب ؛ بمعنى أن الاستعمال في ذلك الموضوع له لو لا الاصطلاح الذي للمخاطب بهذا الكلام لم يصح أنها استعملت فيما وضعت له ؛ ولكن هذا التصحيح تكلف كما تقدم ؛ يغني عنه تعلقها بوضعت فتعين العدول إليه ، وقد أطنبت هنا لما في المحل من الحاجة إلى مزيد تدقيق وبسط ؛ فليتأمل.
ولما اشتمل تعريف الحقيقة على الوضع الذي إذا أطلق انصرف إلى الوضع بالتحقيق عرف الوضع بالتحقيق بقوله :
تعريف الوضع
(والوضع) أي : مطلق وضع اللفظ ، وإنما قلنا : مطلق الوضع ؛ ليكون ما بعد مخرجا للوضع بالتأويل ، وقيدنا باللفظ ليعلم كما دل عليه كلامه بعد أن المراد تعريف وضع اللفظ ، لا تعريف الوضع الشامل لوضع الإشارة ، والأمارة ؛ ونحو ذلك.
وهو (تعين اللفظ للدلالة على معنى) خرج بقوله : تعيين اللفظ تعيين نحو الإشارة باليد أو الرأس للدلالة ؛ فلا يراد هنا كما ذكرنا ، ومعنى تعيين اللفظ : أن يخصص من بين سائر الألفاظ بأنه لهذا المعنى الخاص ليفهمه منه عند ذكره العالم
__________________
(١) كذا فى المطبوع والصواب أن يقول : " بفى".
(٢) البقرة : ٢٥.