المخاطب بأن لا نجاد له قرينة على عدم إرادة المعنى الأصلي لكن إنما تخرج الكناية فقط بالقيد المذكور ويبقى الحد سالما للمجاز إن بنينا على أن لفظ المجاز لا يستعمل في معناه الأصلي والمجازي معا ، وإن جوزنا ذلك لم يشمله الحد ، لأن القرينة فيه لا تمنع من إرادة المعنى الحقيقي. ثم إذا أسقط القيد المذكور لإدخاله دخلت الكناية أيضا ؛ وهو ظاهر.
ثم أشار إلى أقسام الحقيقة والمجاز فقال :
أقسام الحقيقة والمجاز
(وكل منهما) أي : من الحقيقة والمجاز أقسام أربعة : (لغوي ، وشرعي ، وعرفي) ثم العرفي إما (خاص ، أو عام) ففي الحقيقة أربعة : اللغوية ، والشرعية ، والعرفية الخاصة ، والعرفية العامة. وفي المجاز مثل ذلك. فالحقيقة اللغوية ما وضعها واضع اللغة ، والشرعية ما وضعها الشارع ، والعرفية الخاصة ما وضعها أهل عرف خاص كالنحويين في لفظ مخصوص ، والعرفية العامة ما وضعها أهل العرف العام ؛ أي : الذي لم يختص بطائفة مخصوصة من الناس. وستأتي أمثلتها. ويقال في الخاص : ما تعين ناقله ، وفي العام : ما لم يتعين والمراد بالتعين : أن يكون غير خارج عن طائفة خاصة ، وليس شرطه أن يعلم الشخص الناقل ، وبه يعلم أن ليس المراد اتفاق جميع أهل العرف أولا لا في العام ، ولا في الخاص. وظاهر هذا أن النقل لا بد منه ، وأن كثرة الاستعمال دليل عليه ، لا أنه نفسه. وقيل : النقل كثرة الاستعمال للفظ في بعض أفراد معناه ، أو في معنى مناسب للمعنى الأصلي.
واشتراط النقل منظور فيه إلى أصل دلالة الألفاظ ، وعدم اشتراطه بأن يجعل هو اتفاق كثرة الاستعمال حتى يصير الأصل مهجورا منظورا فيه إلى أن ذلك هو المحقق في مسمى المنقول ، ولا دليل على وجود نقل مقصود أولا. ثم النقل : قيل : لا بد فيه من المناسبة ، وقيل : لا وقد تبين بهذا أن نسبة الحقيقة إلى اللغة والشرع والعرف عاما وخاصا إنما هي باعتبار الواضع ؛ فإن كان الواضع واضع اللغة فلغوية ، أو الشارع فشرعية ، أو أهل العرف فعرفية خاصة أو عامة. والأقرب أن اختصاص أهل البلد بنقل لفظ دون سائر البلدان لا يسمى اللفظ به خاصة ، وإنما يسماه إن كانوا طائفة منسوبين