كلفظ الأسد في قولنا : رأيت أسدا يرمي فإنه استعمل في الرجل الشجاع للمشابهة بينه وبين الحيوان المفترس المعلوم في الجرأة ، وإطلاق لفظ الاستعارة على اللفظ المستعار من المعنى الأصلي للمجاز من إطلاق المصدر على المفعول ؛ كالنسج بمعنى المنسوج ، وأصل الإطلاق التجوز ثم صار حقيقة عرفية (وكثيرا ما تطلق الاستعارة) في العرف أيضا على غير اللفظ المستعار الذي هو المفعول ؛ وذلك بأن يطلق لفظها (على استعمال اسم المشبه به في المشبه) وعلى هذا يكون مطلقا على فعل المتكلم الذي هو المصدر وهو الاستعمال ، وذلك هو الأقرب إلى الأصل في الإطلاق ، وبرعاية هذا الإطلاق أعني : إطلاقه على المعنى المصدري يصح الاشتقاق من لفظ الاستعارة كما هو شأن كل مصدر ، بخلاف إطلاق لفظ الاستعارة على نفس اللفظ المستعار ، فإنه لا يصح فيه الاشتقاق ؛ لأن المفعول لا يشتق منه ؛ إذ هو بمثابة الجوامد بخلاف المصدر. وإذا صح الاشتقاق من لفظ الاستعارة على إرادة المعنى المصدري به فيشتق منه لمتعلقاته وهي المشبه به ، والمشبه ، واللفظ والمستعمل للفظ ؛ فيقال : للمشبه : مستعار له ، لأنه هو الذي أتى باللفظ الذي هو لغيره وأطلق عليه ، فصار كالإنسان الذي استعير له الثوب من صاحبه وألبسه ويقال للمشبه به : مستعار منه ، إذ هو كالإنسان الذي استعير منه ثوبه وألبسه غيره ؛ حيث أتى منه بلفظه وأطلق على غيره. يقال للفظ : مستعار ، لأنه أتى به من صاحبه لغيره ، كاللباس المستعار من صاحبه للابسه. وينبغي أن يقال على هذا للإنسان المستعمل للفظ في غير معناه الأصلي : مستعير ، لأنه هو الآتي باللفظ من صاحبه كالآتي باللباس من صاحبه ولكن هذا الاشتقاق ـ أعني : الاشتقاق للمستعمل ـ لم يجر به العرف ، وإلى هذا أشار بقوله : (فهما) ـ أي : المشبه به ، والمشبه. ويقال فيهما : (مستعار منه ، ومستعار له) تشبيها للأول بصاحب الثوب ، وللثاني بلابسه من صاحبه كما بينا (واللفظ) أي : لفظ المشبه به يقال فيه : (مستعار) تشبيها له باللباس المستعار من صاحبه لغيره كما بينا.
وبهذا يعلم أنه في هذا الإطلاق أيضا مجاز صار حقيقة عرفية ، وعلى هذا فهو مشترك عرفي ، والأول أكثر وهو الذي يجري في التعاريف. فإن قيل : ما موجب كون