علاقة السببية
(وتسمية) أي : ومن المجاز تسمية (الشيء باسم مسببه) والتسامح هنا وفيما بعده كما تقدم وذلك (نحو) قولهم : (أمطرت السماء نباتا) أي : أمطرت غيثا ، ولما كان النبات مسببا عن الغيث سموا الغيث بالنبات الذي هو اسم مسببه. وقد ذكر في الإيضاح من أمثلة تسمية السبب باسم المسبب قولهم : أكل فلان الدم. وهو بحسب الظاهر سهو ؛ إذ الدم اسم السبب وأطلق على مسببه الذي هو الدية الحاصلة عن الدم ، وزاده إشكالا بقوله في تفسيره : أي : الدية المسببة عن الدم ؛ فبين أن الدية التي أطلق عليها الدم مسببة ، والكلام في العكس ؛ أي : في إطلاق اسم المسبب على السبب ؛ كما في : أمطرت السماء نباتا ، لا في إطلاق اسم السبب على المسبب كما ذكر في أكل الدم. وأجيب بأن المعنى على اعتبار العلة الحاملة وهي سبب فأطلق عليها اسم المسبب ؛ لأن الدية رجاؤها هو السبب في الإقدام على الدم ، فأطلق الدم الذي هو المسبب باعتبار العلة الحاملة على السبب الذي هو الدية ، وإن كان الواقع في الخارج ترتب الدية على الدم ؛ لأن العلة الغائية يتأخر وجودها عن مسببها. ولا يخفى ما فيه من التعسف ؛ لأنه اعتبار عقلي بين الرجاء والإقدام ، وهو خلاف مدلول اللفظ ، مع ما فيه من الخروج إلى الاعتبارات العقلية المحضة التي لا يراعيها البلغاء. وأجيب أيضا بأن المعتبر هو الأكل وأخذ الدية ، ولا شك أن الأكل مسبب أطلق على السبب الذي هو الأخذ وهو في التعسف كالأول ، مع زيادة أن الدم لم يتعرض لوجه إطلاقه حينئذ على الدية مع أن الكلام في ذلك ، لا في الأخذ والأكل.
اعتبار ما كان
(أو ما كان عليه) أي : ومن المجاز المرسل عند الجمهور خلافا لمن جعل وجود المعنى فيما مضى كافيا في الإطلاق الحقيقي تسمية الشيء باسم الذي أطلق على الشيء باعتبار الحال الذي كان عليه أولا ، وليس ذلك الحال الذي باعتباره أطلق اللفظ موجودا الآن وذلك (نحو) قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ)(١) فقد أطلق اليتامى
__________________
(١) النساء : ٢.