أنواع الاستعارة باعتبار الطرفين :
(وهى) أى : والاستعارة تنقسم باعتبار الطرفين وباعتبار آخر غير ما ذكر فهى (باعتبار الطرفين) أعنى المستعار منه والمستعار له (قسمان).
القسم الأول : الوفاقية ، وهى التى يمكن اجتماع طرفيها في شىء واحد.
والثاني العنادية وهى التى لا يمكن اجتماعهما. وإلى هذا أشار بقوله (لأن اجتماعهما) أى : إنما قلنا إنها تنقسم إلى قسمين باعتبار الطرفين ؛ لأن اجتماع طرفيها (في شىء) واحد (إما ممكن) بأن يكون المعنى المنقول إليه ومنه لا تنافي بينهما ، فيصح كونهما وصفين لشىء واحد وذلك (نحو) أى : المصدر المشتق منه (أحييناه فى) قوله تعالى (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ)(١) أى) كان (ضالا فهديناه) فقوله : أحييناه مأخوذ من الإحياء وهو إيجاد الحياة في الشىء وإعطاؤها له ، وقد استعير لإيجاد الدلالة على الطريق الموصلة إلى المقصود. ووجه الشبه بين إعطاء الحياة وإيجادها لموصوفها ، وبين إيجاد الدلالة على الطريق الموصلة إلى المقصود ترتب الانتفاع والمآثر على كل منهما ، كما أن وجه الشبه بين الإماتة والإضلال ترتب نفى الانتفاع ، ولا شك أن الإحياء والهداية يمكن اجتماعهما في موصوف واحد ، وقد اجتمعا في جانب الله تعالى لأنه أحيا وهدى.
وقولنا الإحياء والهداية يمكن اجتماعهما أولى من قول المصنف فى الإيضاح والحياة والهداية مما يمكن اجتماعهما ؛ وذلك لأن أحيا فعل مأخوذ من الإحياء لا من الحياة فالإحياء هو المستعار حقيقة ، وإن تضمن استعارة الإحياء استعارة الحياة أيضا ، وإنما قلنا نحو المصدر المشتق منه أحييناه ، ولم ندع اللفظ على ظاهره ؛ لأن الاستعارة في أحييناه تبعية لكونه فعلا فجعلها في المصدر أولى لأصالته ، ولم يعتبر المصنف في هذا القسم استعارة الموت للضلال ، ولذلك قال نحو أحييناه ؛ لأن الطرفين أعنى الموت والضلالة لا يمكن اجتماعهما إذ الضلال سلوك طريق تؤدى إلى العطب كالكفر والموت لا يجامع ذلك الضلال أعنى الكفر ، إذ لا يقال في الميت ضال وأما كون الكافر
__________________
(١) الأنعام : ١٢٢.