الذي هو القربوس ، وفم الفرس فى الأول والساقان والظهر في الثاني فحيث قلنا في بيان الطرفين شبه هيئة وقوع الثوب موقعه من الظهر والساقين ، بهيئة وقوع اللجام موقعه من القربوس ، وفم الفرس فباعتبار التضمن الذي هو الهيئة ؛ لأن بها يظهر التشبيه وأما نفس الإيقاع العام من غير اعتبارها فلا يتضح فيه التشبيه ، وإنما يظهر باعتبار ما تضمنه واقتضاه وحيث قلنا شبه ضم فم الفرس إلى القربوس ، بضم الساقين إلى الظهر فباعتبار أصل الهيئة المتقررة والمعنى المصدرى الناشئة هى عنه ووجه الشبه هو هيئة إحاطة شىء كالمربع لشيئين ضاما أحدهما إلى الآخر ، على أن أحدهما أعلى والآخر أسفل وهو إيقاع شىء محيط إلى آخر ما ذكر ، ووجه الغرابة في هذا التشبيه أن الانتقال إلى الاحتباء الذي هو المشبه به عند استحضار إلقاء العنان على القربوس للفرس في غاية الندور ؛ لأن أحدهما من وادى القعود والآخر من وادى الركوب ، مع ما في الوجه من دقة التركيب وكثرة الاعتبارات الموجبة للغرابة ، ولذلك جاءت الاستعارة غريبة لغرابة إدراك الشبه (وقد تحصل) هو معطوف على قوله قد تكون أى : (الغرابة) قد تكون في نفس الشبه لبعد إدراك ذلك الشبه بين الطرفين ، وقد تحصل تلك الغرابة لا ببعد إدراك الشبه بين الطرفين لذاته بل (بتصرف في) الاستعارة (العامية) بما أوجب أنها على ذلك الوجه لا يدركها إلا الخواص ، وذلك التصرف هو أن يضم إلى تلك الاستعارة تجوز آخر لطيف اقتضاه الحال وصححته المناسبة وذلك (كما في قوله)
ولما قضينا من منى كل حاجة |
ومسح بالأركان من هو ماسح |
|
وشدت على دهم المهارى رحالنا |
ولم ينظر الغادى الذي هو رائح |
|
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا |
(وسالت بأعناق المطى الأباطح) (١) |
والدهم جمع دهماء ، وهى الناقة السوداء والمهارى جمع مهرية ، وهى الناقة المنسوبة إلى مهرة بن حيدان بطن من قضاعة هذا معناه في الأصل ، ثم صار يطلق على كل نجيبة من الإبل والأباطح جمع أبطح وهو مسيل الماء ، فيه دقاق الحصى والدقاق بضم الدال هو الدقيق ، ويحتمل أن يكون بالكسر جمع دقيق يقول : لما فرغنا من أداء
__________________
(١) لكثير عزة فى الإشارات ص (٢١٧) ، وفى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ٤٤).