في متعلق معنى الحرف بالمعنى السابق أولا ثم تبع ذلك استعمال الحرف في المعنى الخاص بعد نقله عن المعنى الذي يعتبر له أصالة فيه غاية التكلف وينافيه قوله : للعداوة والحزن وينافيه ظاهر قوله : كالمجرور ؛ لأن المجرور هو نفس النعمة لا متعلقه بهذا الاعتبار ، وإنما جعل متعلق معنى الحرف الذي وقع فيه التشبيه ما ذكر دون المجرور نفسه ، وإن كان يصدق عليه أن معنى الحرف متعلق به بمعنى أن النسبة التي وضع لها الحرف لها تعلق بذلك المجرور واختصاص به لما سنذكره بعد في قوله : وفي لام التعليل إلخ ، وهو أن نفس المجرور لو جعل هو محل التشبيه لكان هو محلا للاستعارة وهذه الاستعارة تصريحية عند المصنف فيقتضي اعتبار الاستعارة في المجرور أولا أن يذكر المشبه به هنا وهو الظرف كالدار مثلا ، ولم يذكر هنا ، وإنما ذكر المشبه فلم يصح جعل الاستعارة الأصلية في المجرور بل في متعلق معنى الحرف بالمعنى السابق وسيأتي تحقيق ما في ذلك من البحث.
نعم لو جعلت الاستعارة مكنيا عنها صح اعتبار الاستعارة في المجرور وتكون استعارة الحرف تخييلية ، ويأتي الآن تحقيق ذلك كما اعتبره السكاكي ، وإذا تحقق بما تقدم أن التشبيه في الفعل وما يشتق منه لمعنى المصدر وفي الحرف لمتعلق معناه. (فيقدر التشبيه) لأجل ذلك (في) نحو قولك (نطقت الحال) بكذا (و) قولك (الحال ناطقة بكذا للدلالة بالنطق) أي يقدر التشبيه فيما ذكر واقعا بين الدلالة والنطق وذلك بأن تجعل دلالة حال إنسان على أمر من الأمور مشبها ويجعل نطق الناطق مشبها به ووجه الشبه بينهما ما لابس كلا منهما ، من اتضاح المدلول والمعنى للذهن بكل منهما ولم يجعل الوجه إيضاح المعنى لأنه نفس الدلالة فلا يصح إلا بتكلف بأن يجعل وجه الشبه داخلا في مفهوم الدلالة وخارجا عن مفهوم النطق فيكون إيضاح المعنى بالحال هو المشبه ووجه الشبه جنسه ، وهو مطلق إيضاح المعنى والنطق الذي هو المشبه به ملزوم للإيضاح وأكثر وجه الشبه ما يكون خارجا عن الطرفين فالحمل عليه مع الإمكان أقرب ، ثم إذا قدر أن التشبيه كان أولا بين الدلالة والنطق قدر أن لفظ النطق استعير أولا للدلالة بذلك التشبيه ثم يشتق من النطق المستعار الفعل وسائر المشتقات ؛ فتكون الاستعارة في المصدر أصلية لأوليتها وفي الفعل وسائر المشتقات تبعية لتأخرها وفرعيتها وإنما قلنا